109
منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام

لقد استندنا في هذا الفصل على وثائق ومدوّنات ونصوص تعود إلى كتب الفريقين في الحديث والتاريخ والتفسير . ۱ ثمّ سنبدأ البحث التحليلي في هذا المدخل منذ بدايات الرسالة ، وأوائل أيّام رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، حتى نبلغ به يوم الغدير كما سلفت الإشارة إلى ذلك .
وعند الغدير سنعيد عرض مكوّنات المشهد مجدّداً ، ونمارس العرض والتحليل على ضوء معطيات الرواية والدراية معاً .
هذه لمحة موجزة عن خطّة العمل ، ودونكم التفاصيل في بيان أهمّ المساعي النبيّ لقيادة الإمام عليّ عليه السلام :

1.ذكرت وثائق وأدلّة كثيرة تخصّ هذا الموضوع في موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وقد أوجزناها في هذا الكتاب ، للاطّلاع على المزيد راجع : موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام : ج ۱ (القسم الثالث / جهود النبي صلى الله عليه و آله لقيادة الإمام عليّ عليه السلام ) .


منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
108

ولَقَد كُنتُ أتَّبِعُهُ اتِّباعَ الفَصيلِ أثَرَ اُمِّهِ ، يَرفَعُ لي في كُلِّ يَومٍ مِن أخلاقِهِ عَلَماً ، ويَأمُرُني بِالاِقتِداءِ بِهِ . ولَقَد كانَ يُجاوِرُ في كُلِّ سَنَةٍ بِحِراءَ ، فَأَراهُ ولا يَراهُ غَيري ، ولَم يَجمَع بَيتٌ واحِدٌ يَومَئِذٍ فِي الإِسلامِ غَيرَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وخَديجَةَ وأنَا ثالِثُهُما ؛ أرى نورَ الوَحيِ وَالرِّسالَةِ ، وأشُمُّ ريحَ النُّبُوَّةِ .
ولَقَد سَمِعتُ رَنَّةَ الشَّيطانِ حينَ نَزَلَ الوَحيُ عَلَيهِ صلى الله عليه و آله ، فَقُلتُ : يا رَسولَ اللّهِ ! ما هذِهِ الرَّنَّةُ ؟ فَقالَ : هذَا الشَّيطانُ قَد أيِسَ مِن عِبادَتِهِ . إنَّكَ تَسمَعُ ما أسمَعُ ، وتَرى ما أرى ، إلّا أ نَّكَ لَستَ بِنَبِيٍّ ، ولكِنَّكَ لَوَزيرٌ ، وإنَّكَ لَعَلى خَيرٍ» . ۱
إنّ الأحاديث النبويّة التي تصرّح بإمامة عليّ بن أبي طالب وولايته ، هي من الشمول والكثرة بحيث لا تدع مجالاً للاسترابة والشكّ . فنبيّ اللّه لم يصدع بـ «حقّ الخلافة» للإمام ولـ «خلافة الحقّ» هذه مرّة واحدة أو مرّتين ، بل فعل ذلك عشرات المرّات بالإشارة وبالصراحة ، وحدّد مشروعاً واضحاً لمستقبل الاُمّة وغد الرسالة ، على مرأى من المسلمين جميعاً .
لقد امتدّت عمليّة إعلان هذا الحقّ العلويّ والإجهار به ونشره إلى أبعد مدى ، لتستوعب من حياة النبيّ جميع سنّي عمره في تبليغ الرسالة ، حتى بلغت في واقعة الغدير ذروتها القصوى ، واستقرّت على قمّتها الشاهقة .
إنّ من يتأمّل هذه المواضع بأجمعها (ممّا سيأتي توثيقه في هذا الفصل مختصرا) لا يستريب لحظة في أنّ إمامة الاُمّة وقيادة المستقبل ، لهي في طليعة شواغل النبيّ الأقدس صلى الله عليه و آله ، وهي بنظره المهمّة الاُولى التي لا تتقدّمها مهمّة . لهذا ما وجد فرصة مواتية إلّا وأعلن فيها هذه الحقيقة ، وما وجد موضعاً مناسباً إلّا وأفاد منه في إبلاغ هذا الأمر الإلهي .

1.نهج البلاغة : الخطبة ۱۹۲ .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
    المساعدون :
    غلامعلي، مهدي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1388
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 312071
الصفحه من 987
طباعه  ارسل الي