بعضهم مخاطباً أبا طالب : «قَد أمَرَكَ أن تَسمَعَ لِابنِكَ وتُطيعَ !» ۱ ، بيد أ نّهم عتَوا واستكبروا وأخذتهم العزّة بالإثم ، فأنِفوا أن يستجيبوا للحقّ ، وأن يذعنوا إليه .
2 . أحاديث الوصاية
تهدف الوصاية إلى الحفاظ على الدين وديمومة النهج والطريق ، وهي بهذا اللحاظ سيرة مضى عليها جميع رسل السماء . وفي إطار إشارته إلى هذه الحقيقة في مواضع متعدّدة ومناسبات مختلفة ، سجّل رسول اللّه صلى الله عليه و آله للإمام أمير المؤمنين عليه السلام موقعه في الوصاية ، فكان ممّا قال : «إنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ وَصِيّاً ووارِثاً ، وإنَّ عَلِيّاً وَصِيّي ووارِثي» . ۲
لقد بلغت أحاديث رسول اللّه صلى الله عليه و آله حيال عليّ عليه السلام في هذا المعنى حدّاً من الكثرة بحيث أمسى لفظ «الوصيّ» نعتاً للإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، وصفة يُعرف بها دون لبس أو غموض . حتّى ورد في تاج العروس : «الوَصِيُّ ـ كَغَنِيٍّ ـ : لَقَبُ عَلِيٍّ رضى الله عنه» . ۳
وعندما كان يُطلق مصطلح «الوصيّ» في الأحاديث والكلام والأشعار كانت الغالبيّة من مسلمي صدر الإسلام تفهم منه دلالته على الإمام عليّ عليه السلام من دون تردّد ، ومن ثَمّ دلالته بالضرورة على الخلافة والإمامة . ۴
ثمّ جاء الدور لبني اُميّة ، الذي يبدو أ نّهم بذلوا جهوداً كبيرة علّهم يطمسون هذا العنوان الوضيء ويُزيلونه عن الإمام ، ويُباعدون بينه وبينه ، فكم بذلوا في سبيل هذا الغرض المنحطّ ، وكم وضعوا من الأحاديث ۵ ، لكن أ نّى للحقّ أن يُقهر بحراب أهل
1.ولمزيد الاطّلاع على تفاصيل واقعة يوم الإنذار أو يوم الدار في المصادر التاريخيّة ، راجع : تاريخ الطبري : ج۲ ص۳۱۹ والصحيح من سيرة النبيّ الأعظم : ج۳ ص۶۱ حيث رصد عدداً كبيراً من مصادر هذه الواقعة .
2.تاريخ دمشق : ج۴۲ ص۳۹۲ ح۹۰۰۵ .
3.تاج العروس : ج۲۰ ص۲۹۷.
4.راجع : منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة : ج۱۶ ص۱۹ .
5.لمزيد الاطّلاع على هذا الاتّجاه ونشاطاته وأفعاله راجع : معالم المدرستين : ج۱ ص۴۸۳ .