راحت شائعات حركة النفاق تزحم أجواء المدينة ، وصارت أراجيفهم تحاصر عليّ بن أبي طالب ـ ليث الوغى وفارس ساحات الجهاد ـ وتنهال عليه من كلّ حدب وصوب ، فماذا هو فاعل أمير المؤمنين ؟
سرعان ما لحق برسول اللّه صلى الله عليه و آله وقصّ عليه أراجيف المنافقين، فما كان من النبيّ الأقدس إلّا أن تحدّث إلى عليّ بما يكشف عن حظوة كبيرة عند النبيّ ، ومكانة لا تُدانيها مكانة أحد من العالمين، فقال له بفيض حنان : «اِرجِع يا أخي إلى مَكانِكَ؛ فَإِنَّ المَدينَةَ لا تَصلُحُ إلّا بي أو بِكَ ؛ فَأَنتَ خَليفَتي في أهلي ودارِ هِجرَتي وقَومي ، أما تَرضى أن تَكونَ مِنّي بِمَنزِلَةِ هارونَ مِن موسى إلّا أ نَّهُ لا نَبِيَّ بَعدي ؟» . ۱
بصراحة لا يشوبها لبس سجّل النبيّ صلى الله عليه و آله لعليّ بن أبي طالب عليه السلام جميع ما له من مناصب ومواقع ومسؤوليّات ما خلا النبوّة ، وأوضح دون أدنى شائبة أنّ الإمام أمير المؤمنين هو الذي يجسّد عمليّاً ديمومة الخطّ النبوي ، وينهض بمسؤوليّات النبيّ عند غيابه ، في زعامة الاُمّة وقيادتها ، وممارسة المرجعيّة الفكريّة والعلميّة للرسالة الإسلاميّة .
تسجّل بعض النصوص التاريخيّة أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله خاطب عليّاً بهذه الجملة صراحة : «إنَّهُ لابُدَّ مِن إمامٍ وأميرٍ ؛ فَأَنَا الإِمامُ ، وأنتَ الأَميرُ» . ۲
6 . أحاديث الإمارة
حثّ القرآن جميع المؤمنين ودعاهم بصراحة تامّة إلى إطاعة «اُولي الأمر» ۳ ؛ حيث جعل إطاعة هؤلاء واتّباعهم رديفاً لإطاعة اللّه وإطاعة رسول اللّه صلى الله عليه و آله . والسؤال : من هم مصداق «اُولي الأمر» ؟ أ فيجوز أنّ نعدّ الطغاة والجبّارين المحترفين ـ الذين