117
منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام

7 . أحاديث الإمامة

«الإمام» في المعنى اللغوي هو المتقدّم ، والمقتدى به ، وقائد القوم ، ورئيس القبيلة ۱ ، وهو في الثقافة القرآنيّة والدينيّة ـ دون شكّ ـ قائد الاُمّة في مختلف الأبعاد ، وزعيم الاُمّة في إدارة اُمور المجتمع . هذه الحقيقة يمكن تلمّسها في الرسالتين المتبادلتين بين الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ومعاوية .
لقد تحدّث الإمام في إطار رسالة مطوّلة عن موقعه وموقع أهل البيت عليهم السلام ، وذكّر بوصايته عن النبيّ ، وخلافته لرسول اللّه صلى الله عليه و آله ؛ فما كان من معاوية إلّا أن قال في الجواب نصّاً : «ألا وإنّما كان محمّد رسول اللّه من الرسل إلى الناس كافّة ، فبلّغ رسالات ربّه ، لا يملك شيئاً غيره !» وهذا النصّ يحصر وظيفة النبيّ بالتبليغ فقط ؛ فهو مبلّغ رسالة لا أكثر ، وليس بإمام ، ولا زعيم ، ولا قائد ، ولا رجل سياسة ، ولا أيّ شيء آخر .
فردّ الإمام عليّ عليه السلام على كلام معاوية الذي أنكر فيه بقية شؤون النبيّ ، وفي الطليعة شأنه كإمام ؛ ردَّ عليه بصراحة مسفرة ، وهو يكتب : «وَالَّذي أنكَرتَ مِن إمامَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ، زَعَمتَ أ نَّهُ كانَ رَسولاً ولَم يَكُن إماماً ؛ فَإِنَّ إنكارَكَ عَلى جَميعِ النَّبِيّينَ الأَئِمَّةِ ، ولكِنّا نَشهَدُ أ نَّهُ كانَ رَسولاً نَبِيّاً إماماً» . ۲
يُسفر هذا الحوار المتبادل في الرسالتين عن موقع الإمامة في الفكر الإسلامي ، وهو إلى ذلك يكشف عن الأسباب الكامنة من وراء عداء بني اُميّة لهذا العنوان .
على ضوء هذا التوضيح يمكن أن نُدرك الآن عمق الأخبار والأحاديث الكثيرة

1.العين : ج۸ ص۴۲۸ .

2.الغارات : ج۱ ص۲۰۳ .


منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
116

يتسنّمون السلطة متّخذين جماجم الأبرياء سلّماً يرقون به إلى مسند العرش ـ مصداقاً لاُولي الأمر ؟ أبداً لا يجوز هذا .
فلا ريب أنّ مصداق «اُولي الأمر» ينطبق على اُولئك الذين يعيشون حياتهم على نهج نبوي وضّاء ، ويبذلون وجودهم للّه ، وفي سبيل اللّه ، ويُفنون أعمارهم من أجل إعلاء كلمة الحقّ ، وبسط العدالة في ربوع الحياة . وهذا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب يتبوّأ من هذا العنوان ذروته العليا ، ويقف على أقصى نقطة من قمّته الشاهقة ، كما تفصح عن ذلك الكثير من الأحاديث النبويّة ؛ تلك النصوص الوضّاءة الموحية التي تبعث على الدهشة والجلال .
دعونا نتخطّى ذلك إلى ما هو أبعد منه مدىً وأعمق أثراً ؛ فهذا رسول اللّه صلى الله عليه و آله اختصّ عليّ بن أبي طالب وحده بلقب «أمير المؤمنين» ؛ فلا يحقّ هذا اللقب لأحدٍ غيره قط كما نصّ على ذلك صراحة النهي النبوي .
ولدينا فيض من النصوص التي تتحدّث عن هذا المعنى ، وهي من الكثرة بحيث صنّف من بعضها السيّد الأجلّ ، قدوة السالكين ، واُسوة العابدين وجمال العارفين رضي الدين عليّ بن طاووس الحلّي كتاباً أطلق عليه عنوان : «اليقين باختصاص مولانا علي عليه السلام بإمرة المؤمنين» ، والملاحظ أنّ هذه الأحاديث النبويّة تذكر الإمام عليّ بلقب «أمير المؤمنين» مرّة ، ولقب «أمير البررة» ثانية ، و«أمير كلّ مؤمن بعد وفاتي» ثالثة .
وهذا الإمام الحسن عليه السلام يشرط على معاوية في معاهدة الصلح أن لايتسمّى بـ «أمير المؤمنين» ولا يُطلق على نفسه هذا اللقب . ۱

1.علل الشرائع : ص۲۱۲ ح۲ .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
    المساعدون :
    غلامعلي، مهدي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1388
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 393476
الصفحه من 987
طباعه  ارسل الي