لقد مضت على رسول اللّه صلى الله عليه و آله ـ بعد أن تلا آية التطهير على المسلمين ـ أيّام وأشهر طويلة وهو يقف إلى جوار بيت عليّ ، وينادي إذا حضر وقت الصلاة : «الصَّلاةَ يا أهلَ البَيتِ» ۱ . على هذا ليس هناك شكّ في أنّ «أصحاب الكساء» هم مصداق «أهل البيت» ، وأنّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام هو سيّد أهل البيت وذروة السنام فيه . إنّما الذي يحظى بأهمّية أكبر بنظرنا هو ما كان يفعله الرسول في ثنايا تركيزه على الإعداد لقيادة المستقبل ، وكجزء من برنامجه لإعلان الإمامة التي تخلفه ، إلى جوار تأكيده على التصريح بطهارة أهل البيت وعصمتهم ، وحتى بعد إعلان هذه الفضيلة راح يكرّر على الدوام قوله صلى الله عليه و آله : «أنَا حَربٌ لِمَن حارَبَكُم ، وسِلمٌ لِمَن سالَمَكُم» ۲ ، فماذا يعني هذا التكرار ، وما هو مغزاه ؟
يبدو أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله كشف للاُمّة ـ من خلال تفسيره النافذ البصير لقوله سبحانه : «وَ مَا جَعَلْنَا الرُّءْيَا الَّتِى أَرَيْنَـكَ إِلَا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِى الْقُرْءَانِ»۳ ـ عن وجود اُسرة ستنقضّ على المجتمع الإسلامي ، وتسومه الأذى والعذاب والظلم ، وبتشبيهه حركة هذه الاُسرة بنزو القردة كشف عن هويّتها القرديّة ، وحذّر الاُمّة من أن تترك اُمور دينها تقع في يوم من الأيّام بيد رجال هذه العشيرة ، أو أن تكون قيم هذا الدين ومثله العليا لعبة بأيديهم يعبثون بها كيفما شاؤوا . على الجانب الآخر من المشهد ، حرص رسول اللّه صلى الله عليه و آله ـ من خلال التركيز على طرح «أهل البيت» كاُناس مطهّرين ، وثلّة معصومة نقيّة من المثالب والعيوب ـ أن يسجّل للاُمّة خطّ الإمامة المعصومة ، والقيادة النزيهة للمستقبل .
وكان لآية التطهير الدور العظيم في بيان فضائل «آل اللّه » والكشف عن مناقبهم