11 . أحاديث العلم
يتبوّأ رسول اللّه صلى الله عليه و آله المرجعيّة الفكريّة للاُمّة بالإضافة إلى الزعامة السياسيّة كما سلفت الإشارة لذلك ، فالاُمّة تواجه في معترك حياتها عشرات المعضلات الفكريّة على الصعيدين الفردي والاجتماعي ؛ فمن الذي يتولّى تذليل هذه العقبات ؟ ومن الذي يُميط اللثام عمّا يواجهه المجتمع من مشكلات معرفيّة ، ويفسّر للناس آيات القرآن ، ويعلّم الاُمّة أحكام دينها وكلّ ما يمتّ بصلة إلى المرجعيّة العلميّة والفكريّة ؟ ومَن الذي أراد له رسول اللّه صلى الله عليه و آله أن يتبوّأ هذا الموقع في المستقبل بحيث تلوذ به الاُمّة ، وتلجأ إليه بعد رحيل النبيّ ؟
لقد ضمّت المصادر القديمة نصوصاً نبويّة مكثّفة تدلّ بأجمعها على أنّ النبيّ اختار عليّ بن أبي طالب للمرجعيّة العلميّة والفكريّة من بعده ، منها الحديث النبوي الكريم : «أنَا مَدينَةُ العِلمِ ، وعَلِيٌّ بابُها» فعلاوة على شوق عليّ عليه السلام إلى العلم ، وتطلّعاته الذاتيّة إلى المعرفة ، وتوقه الشديد للتعلّم ، واستعداده الخاصّ على هذا الصعيد ، كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله لا يُخفي حرصه على إعداد عليّ إعداداً علميّاً خاصّاً ، وزقّهِ العلم زقّاً ، وإشباع روحه بالمعرفة ، والفيض عليه من الحقائق الربّانيّة العُليا .
لقد جاء الكلام النبوي الكريم : «أنَا مَدينَةُ العِلمِ وعَلِيٌّ بابُها ؛ فَمَن أرادَ المَدينَةَ فَليَأتِ البابَ» ليدلّ دلالة قاطعة لا يشوبها أدنى لبس ، على أنّ العلم الصحيح عند عليّ وحسب لا عند سواه ۱ . لقد طلب النبيّ عليّ بن أبي طالب في اللحظات الأخيرة من حياته ، وراح يسرّ له بينابيع المعرفة ، فقال عليّ بعد ذلك واصفاً الحصيلة التي طلع بها من إسرار النبيّ له : «حَدَّثَني ألفَ بابٍ ، يَفتَحُ كلُّ بابٍ ألفَ