143
منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام

«المولى» في الأدب العربي

إنّ تفحّص النصوص الأدبيّة القديمة ، ودراسة متون اللغة والتفسير ، ليدلّ دون ريب أنّ إحدى المعاني الواضحة لـ «المولى» هي الرئاسة والأولى بالتصرّف في اُمور «المولّى عليه» ، وهي بمعنى الزعامة والولاية .
وفيما يلي نستعرض بعض النصوص والشواهد اللغويّة والتفسيريّة الدالّة على ذلك :
كتب أبو عبيدة معمر بن المثنّى البصري في تفسير الآية(15) من سورة الحديد ، عند قوله : «هِىَ مَوْلَاكُمْ» : «أي : أولى بِكُم» . ۱
ثمّ شيّد تفسيره وصوّبه على أساس بيت من الشعر الجاهلي استشهد به ، وهو :

فَغَدَت كِلَا الفَرجَينِ تَحسَبُ أ نَّهُمَولَى المَخافَةِ خَلفُها وأمامُها
لقد قصد شرّاح «المعلّقات السبع» على أخذ المولى في بيت لبيد المذكور بمعنى «الأولى» ، وعلى هذا مضوا في شرح الشعر . ۲
كتب المفسّر والنسّابة المعروف محمّد بن السائب الكلبي ، في تفسير الآية (51) من سورة التوبة : «قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلَا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ» ما نصّه : «أولى بِنا مِن أنفُسِنا فِي المَوتِ والحَياةِ» . ۳
وكتب الأديب والمفسّر الكوفي المشهور أبو زكريّا يحيى بن زياد بن عبد اللّه المعروف بالفرّاء ، في تفسير الآية(15) من سورة الحديد ، ما نصّه : « «هِىَ مَوْلَاكُمْ» : أي أولى بِكُم» . ۴

1.مجاز القرآن : ج۲ ص۲۵۴ .

2.شرح المعلّقات السبع للزوزني : ص۲۱۰ .

3.البحر المحيط : ج۵ ص۵۳ .

4.معاني القرآن : ج۳ ص۱۲۴ .


منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
142

طُرُقٍ» ۱ . ۲
ممّن أتى على نقل الحديث أيضاً ابن عساكر ؛ حيث ذكره في مواضع عدّة من مصنّفه العظيم ، ويكفيك أ نّه ذكر له عشرات الطرق في موضع واحد فقط . ۳
وعلى النهج ذاته مضى عدد كبير من المحدّثين والمفسّرين والعلماء .
أ فبعد هذا كلّه ، يجوز الشكّ في صدور الحديث أو في طرقه ؟ ! إنّ من يفعل هذا إنّما ينزلق إليه عن استكبار وعتوّ ورغبة في مناهضة الحقّ الصراح ، لا لشيء آخر .

2 . دلالة الحديث

يظهر ممّا ذكرناه في بداية البحث وما سنعمل تفصيله أكثر عبر نصوص جمّة ، أنّ أحداً لم يكن يشكّ أو يناقش في أنّ مدلول جملة : «مَن كُنتُ مَولاهُ فَعَلِيٌّ مَولاهُ» إنّما كان يُشير إلى الرئاسة وتولّي الأمر ، وإلى الإمامة والزعامة ، على هذا مضت سُنّة السلف ومن عاصر الحديث ، دون أن يفهم أحد ما سوى ذلك . ولا جدال أنّ للفظ «المولى» في اللغة معاني أوسع من ذلك ۴ ، لكن ليس ثمَّ شيء من تلك المعاني يمكن أن يكون هو المراد ، إنّما المقصود بمدلول الحديث هو الذي ذكرناه ، وفهمه الجيل الأوّل .

1.الإقبال : ج۲ ص۲۴۰ .

2.راجع : كتاب «الغدير في التراث الإسلامي» : ص۴۵ ، حيث توفّر المؤلّف على بيان أهمّية كتاب ابن عقدة وتأثيره في الكتب التالية له بدقّة كافية .

3.راجع : تاريخ دمشق : ج۴۲ ص۲۰۴ ـ ۲۳۸ .

4.راجع : الغدير : ج۱ ص۳۶۲ ، حيث استعرض عدداً من هذه المعاني .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
    المساعدون :
    غلامعلي، مهدي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1388
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 394010
الصفحه من 987
طباعه  ارسل الي