أبي طالب و «إمامته» و «زعامته» وليس أيّ شيء آخر . لقد اُعدّ المشهد وتمّت تهيئة ذلك الحشد العظيم لغرض واحد فقط ، هو إعلان الولاية العلويّة للمرّة الأخيرة على مرآى الجميع ، هو إعلان أخير لكن احتشدت فيه كلّ عناصر التأثير والجاذبية لكي يستعصي على النسيان ويستوطن وعي الجميع وذاكرتهم ، حتى إذا ما أوشكت ساعة الرحيل ومضى النبيّ إلى ربّه ؛ لا يقول قائل : لم أدرِ ما الخبر ؟ أو لم أكن أعلم بالأمر ولم أسمع به !
لهذا كلّه حرص النبيّ صلى الله عليه و آله على أن يأخذ من القوم العهد والميثاق ، وأقرّهم مرّات على ما أبلغهم به ، حتى إذا أقرّوا له ، عاد يخاطب الجمع : «ألا فَليُبَلِّغِ الشّاهِدُ الغائِبَ» .
أمّا الآن فقد آن لنا أن ندرس ملازمات قلب هذا المعنى ؛ فلو قلنا إنّ مدلول هذا الحديث النبوي لم يكن يعني الولاية وقيادة الاُمّة في المستقبل ، فما هي اللوازم التي تترتّب على هذا النمط من التفسير ؟ هل ترى العقل يذعن للمشهد بمثل هذ التفسير ؟ ثمّ ننعطف إلى تحليل الواقعة ودراسة مكوّناتها وتأمّل الكيفيّة التي انبثق على أساسها المشهد ؛ لنخرج من حصيلة ذلك كلّه إلى أنّ الحقيقة تكمن فيما ذكرناه أثناء التحليل الاصطلاحي واللغوي لذلك الجزء من الحديث النبوي وحسب ، وليس ثَمَّ شيء أو أشياء وراء ذلك . واللّه من وراء القصد .
قرائن دلالة حديث الغدير على الخلافة
أ ـ القرائن العقليّة
1 . الحصيلة التي تجمّعت بين أيدينا حتى الآن لا تدع ـ باعتقادنا ـ مجالاً للشكّ في