157
منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام

الثقافات ، فإذا ما تعددت احتمالات المعنى ترى العلماء يُهرَعون إلى فهم الاُدباء والشعراء ليستندوا إليه في الترجيح .
وفي يوم الغدير ، حيث كان النبيّ قد نزل المنبر للتوّ ، نهض حسّان بن ثابت من فوره ، واستأذن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أن يقول في الواقعة أبياتاً من الشعر ، فأذن له النبيّ ، فراح ينشد قصيدته العصماء ، ومطلعها :

يُناديهُمُ يَومَ الغَديرِ نَبِيُّهُمبِخُمٍّ وأسمِع بِالرَّسولِ مُنادِياً
إلى أن قال :

فَقالَ لَهُ قُم يا عِلِيُّ فَإِنَّنيرَضيتُكَ مِن بَعدي إماماً وهادِياً
فلمّا فرغ قال النبيّ صلى الله عليه و آله : «لا تَزالُ يا حَسّانُ مُؤَيَّداً بِروحِ القُدُسِ ما نَصَرتَنا بِلِسانِكَ» .
يتّضح من غديريّة حسّان أ نّه فهم من الواقعة ومن قول رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، النصَّ على إمامة عليّ بن أبي طالب ، وقد أيّده النبيّ ولم يُنكر عليه ۱ . وعلى هذا مضى شعراء كثيرون بعد حسّان بن ثابت ؛ حيث استلهموا في شعرهم وقصائدهم إمامة عليّ وولايته من هذه الواقعة وما صدر فيها .
من جهته استند العلّامة الشيخ عبد الحسين الأميني في موسوعته الضخمة «الغدير» على مثل هذا الشعر من بين ما استند إليه ، قاصداً تحليل محتواه ودراسة مراميه الدالّة على الولاية والإمامة .

1.تأتي غديريّة حسّان في طليعة شعره ، وهي من أطول قصائده وأشهرها . راجع : الغدير : ج۲ ص۳۴ . بيد أنّ الذي يثير الأسف أنّ الدكتور محمّد طاهر درويش وضع كتاباً ضخماً في حسّان تحدّث عن شعره ومختلف أبعاد حياته ، لكنّه لم يذكر هذا الشعر قط . راجع : كتاب «حسّان بن ثابت» .


منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
156

لقد دلّل النبيّ صلى الله عليه و آله بتتويج عليّ عليه السلام بعمامته «السحابة» على هذه الهيئة الخاصّة ، وفي ذلك المشهد وبعد البلاغ ، على أ نّه لم يكن يقصد من وراء خطبته وكلماته السامية ، غير نصب عليّ للولاية ، ولم يكن له غرض يصبو إليه من جميع ذلك ، إلّا أن يعلن إمامة أمير المؤمنين وزعامته للاُمّة . ۱

4 . التسليم بالإمارة

نزل النبيّ صلى الله عليه و آله من المنبر الذي صنعوه له من أحداج الإبل ، ثمّ أمر المؤمنين أن يُسلّموا على عليّ عليه السلام بإمرة المؤمنين . يقول بُريدة الأسلمي : «أمَرَنا رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله أن نُسَلِّمَ عَلى عَلِيٍّ عليه السلام بِإِمرَةِ المُؤمِنينَ» .

5 . التهنئة بالولاية والإمارة

لقد أسفرت تصريحات ذلك اليوم عن وجه الحقيقة ، حتى لم يفهم الحاضرون من الواقعة ومن البلاغ غير نصب عليّ عليه السلام للولاية ، لذلك اندفعوا صوب الإمام أمير المؤمنين يهنّئونه بالولاية . والطريف أنّ الذين تقمّصوا الأمر بعد ذلك كانوا في طليعة المبادرين لتهنئة الإمام ، ومن بينهم الخليفة الثاني الذي بادر الإمام بقوله : «هَنيئاً لَكَ يَا بنَ أبي طالِبٍ ! أصبَحتَ اليَومَ وَلِيَّ كُلِّ مُؤمِنٍ» .
لقد توفّرت مصادر حديثيّة وتاريخيّة كثيرة على توثيق تهنئة عمر وضبطها بألفاظ عديدة ، كما توفّرت أيضاً على ضبط تهاني الآخرين .

6 . شعر الشعراء

يحظى فهم الاُدباء والشعراء لمفردات اللغة وألفاظها بعناية خاصّة في جميع

1.ذكرت بعض المصادر أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله وضع العمامة على رأس عليّ في البداية ، ثمّ قال : «من كنت مولاه فعليّ مولاه» ويمكن أن يكون ذلك قد حصل تكراراً ، وليس للمرّة الاُولى .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
    المساعدون :
    غلامعلي، مهدي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1388
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 400936
الصفحه من 987
طباعه  ارسل الي