الواقعة حيّة لا تُنسى ، لمحض أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال في جملةٍ : أحبّوا عليّاً وانصروه ! ثمّ هل لنا أن نتصوّر أنّ الجهاز الحاكم فرض السكوت على تلك الجموع الكثيرة التي حضرت الواقعة ، بحيث كان الإمام عندما ينشدهم لم تنهض منهم إلّا قلّة ضئيلة فيما تلوذ الأكثريّة بالصمت خوفاً أو طمعاً ، إنّما كان من أجل أن يحولوا بين القلوب والنفوس وبين جملة أوصى بها النبيّ بحبّ عليّ ؟
كلام أهل البيت عليهم السلام في تفسير الحديث
ذكرنا مراراً أنّ الذين حضروا مشهد الغدير فهموا من قول النبيّ : «مَن كُنتُ مَولاهُ فَعَلِيٌّ مَولاهُ» دلالته على الولاية والإمامة والرئاسة ، على هذا الأساس انطلقوا لتحيّة الإمام بالإمارة وتهنئته بالولاية ، على المسار ذاته تحرّك الاُدباء والشعراء ، فضمّنوا شعرهم وقصائدهم هذه الحقيقة التي فهموها وتركوها وثيقة للتاريخ ، كما يشذّ عن ذلك الفهم حتى اُولئك الضُّلّال الذي تعثّرت بهم بصيرتهم فاختاروا الضلالة على الهدى .
ما نودّ التأكيد عليه في خاتمة هذه القرائن ، أنّ أئمّة أهل البيت عليهم السلام أعلنوا هذه الحقيقة في تفسير الحديث مرّات ومرّات .
أجل ، لم يصدر عن اُولئك الكرام ، وهُم هُم في البلاغة والعلم ، وهم «أهل البيت» ، و «أدرى بما في البيت» ؛ لم يصدر عنهم في مواضع متعدّدة قط سوى هذا التفسير .
ونختم بنصّ من هذه النصوص الوضيئة التي تتضوّع مسكاً ـ وختامه مسك ـ حيث سأل أبو إسحاق الإمام عليّ بن الحسين ، بقوله : ما مَعنى قَولِ النَّبِيِّ : «مَن كُنتُ مَولاهُ فَعَلِيٌّ مَولاهُ ؟» .