الفصل الأوّل : الولادة
أ ـ النَّسَبُ
إنّ اُرومة الناس دليل على شخصيّتهم وفكرهم وثقافتهم . فاُولو النزاهة والصلاح والعقل والحكمة ينحدرون ـ في الغالب ـ من اُسَر كريمة طيّبة مهذّبة ، وذوو السوء والقبح والشرّ غالبا هم ممّن نشأ في أحضان غير سليمة ، وانحدر من اُصول لئيمة . ويتجلّى القسم الأوّل في الأنبياء ـ الذين هم عِلْية وجوه التاريخ ، وقمم الشرف والكرامة والعزّة ـ ومَنْ تفرّع من دوحاتهم ، ورسخت جذوره في بيوتاتهم الرفيعة . 
 وكانت لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام جذور ضاربة في سلالة طاهرة كريمة هي سلالة إبراهيم عليه السلام ، فهو كرسول اللّه صلى الله عليه و آله في ذلك . وإبراهيم عليه السلام هو بطل التوحيد، الراغب إلى اللّه ، المغرم بحبّه، وهو الواضع سنّة الحجّ ؛ رمز العبودية ومقارعة الشرك . وهكذا فالحديث عن جُدود النبيّ صلى الله عليه و آله حديث عن جدود عليّ عليه السلام ، والكلام عن سلالته صلى الله عليه و آله هو بعينه الكلام عن سلالة أخيه ووصيّه عليه السلام ، قال صلى الله عليه و آله في أسلافه : 
«إنَّ اللّهَ اصطَفى مِن وُلدِ إبراهيمَ إسماعيلَ ، وَاصطَفى مِن وُلدِ إسماعيلَ بَني كِنانَةَ ، وَاصطَفى مِن بَني كِنانَةَ قُرَيشا ، وَاصطَفى مِن قُرَيشٍ بَني هاشِمٍ ، وَاصطَفاني مِن بَني هاشِمٍ» .۱