الفصل الحادي عشر : غاية جهد النبيّ صلّي الله عليه و آله في تعيين الوليّ
أ ـ طَلَبُ الصَّحيفَةِ وَالدَّواةِ
۱۳۲.صحيح البخاري عن الزهري عن عبيد اللّه بن عبد اللّه عن ابن عبّاس :لَمّا حُضِرَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وفِي البَيتِ رِجالٌ فيهِم عُمَرُ بنُ الخَطّابِ ، قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : هَلُمَّ أكتُب لَكُم كِتابا لا تَضِلّوا بَعدَهُ . فَقالَ عُمَرُ : إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله قَد غَلَبَ عَلَيهِ الوَجَعُ ! ! ! وعِندَكُمُ القُرآنُ ، حَسبُنا كِتابُ اللّهِ ! ! فَاختَلَفَ أهلُ البَيتِ فَاختَصَموا ؛ مِنهُم مَن يَقولُ : قَرِّبوا يَكتُب لَكُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله كِتابا لَن تَضِلّوا بَعدَهُ ، ومِنهُم مَن يَقولُ ما قالَ عُمَرُ . فَلَمّا أكثَرُوا اللَّغوَ وَالاِختِلافَ عِندَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، قالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : قوموا .
قالَ عُبَيدُ اللّهِ : فَكانَ ابنُ عَبّاسٍ يَقولُ : إنَّ الرَّزِيَّةَ ۱ كُلَّ الرَّزِيَّةِ ما حالَ بَينَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وبَينَ أن يَكتُبَ لَهُم ذلِكَ الكِتابَ ؛ مِن اختِلافِهِم ولَغَطِهِم . ۲
۱۳۳.صحيح البخاري عن ابن عبّاس :يَومُ الخَميسِ ، وما يَومُ الخَميسِ ! ! اِشتَدَّ بِرَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وَجَعُهُ ، فَقالَ : اِيتوني أكتُب لَكُم كِتابا لَن تَضِلّوا بَعدَهُ أبَدا . فَتَنازَعوا ـ ولا يَنبَغي عِندَ نَبِيٍّ تَنازُعٌ ـ فَقالوا : ما شَأنُهُ ؟ ! أهَجَرَ ۳ ؟ ! ! اِستَفهِموهُ ! ! ! فَذَهَبوا يَرُدّونَ عَلَيهِ . فَقالَ :
1.الرَّزِيّة : المُصيبة (مجمع البحرين : ج۲ ص۶۹۵) .
2.صحيح البخاري : ج۵ ص۲۱۴۶ ح۵۳۴۵ .
3.قال ابن الأثير : أهْجَرَ في مَنْطقه يُهْجِرُ إهْجارا : إذا أفْحَشَ ، وكذلك إذا أكثر الكلام فيما لا ينبغي ، والاسم : الهُجْر ، بالضم . وهَجَر يَهْجُر هَجْراً ـ بالفتح ـ : إذا خَلَط في كلامه ، وإذا هَذَى . ومنه حديث مَرضِ النبيّ صلى الله عليه و آله قالوا : « ما شأنُه؟ أهَجَرَ ؟» أي اختَلف كلامُه بسبب المرض ، على سبيل الاستفهام . أي هل تغيّر كلامه واختلط لأجل ما به من المرض ؟ وهذا أحسن ما يقال فيه . ولا يُجعل إخبارا ، فيكون إمّا من الفُحش أو الهَذَيان . والقائل كان عمر ، ولا يُظَنّ به ذلك (النهاية : ج۵ ص۲۴۵ـ۲۴۶) .