وتعكّر صفو الماء لكان الاحتمال قويّا بأن لايجد الذين أسلموا حديثا فرصة للمناورة .
وعلى هذا المنوال عزم الرسول صلى الله عليه و آله على أصل الوصيّة وكتابتها من جهة، وسعى من جهة اُخرى من خلال أمره بتجهيز سريّة اُسامة لإبعاد أصحاب الادّعاءات ومثيري الضجيج عن الساحة في سبيل توفير الأجواء لطرح المسألة نهائيّا . ولا شكّ أنّ سريّة اُسامة لو كانت سارت على وجهتها ، واُبعد مثيرو الشغب عن الساحة لكانت الوصيّة قد كُتبت ، والخلافة الحقّة قد استُتبّت ، ولقُضي على كل ما يُعكّر صفو الأجواء ، قبل عودتهم . ۱
ولكن لماذا لم يُصرّ النبيّ صلى الله عليه و آله على ما طلب ، ولم يستثمر الفرصة المتبقّية لكتابة الوصيّة ؟
يكفي النظر إلى ما قيل حول المسألة للعثور على الجواب، وسبب ذلك يعود ـ كما صرّح به مفكّر بارع ۲ ـ إلى أنّهم جرّدوه من العصمة من الضلال بقولهم : «هجر» ! ! ولهذا قال لهم فيما رواه ابن عبّاس بعد أن هدأت الضجّة وقالوا له : أ لا نأتيك بما طلبتَ ؟ قال :
أ بَعدَ الذي قلتم ؟ !... أوَبَعد ماذا ؟ !
يا للعجب ويا للأسف ! ! فهل هناك موضع للكتابة بعد أن اتّهموا الرسول صلى الله عليه و آله بأنّه يهجر ؟ فإذا كان قول الرسول يُتجاهل، ويوصف بالهذيان في حياته، وهو الذي نزّهه القرآن عن الخطأ بقوله : «وَ مَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَا وَحْىٌ يُوحَى»۳ فلا بدّ وأن