يكون سائر كلامه موضع تشكيك من بعد وفاته . ويظهر من هذا الكلام والأجواء التي تمخّضت عنه ، ما يلي :
1 . إنّ المعارضين لخلافة الإمام عليّ عليه السلام كانوا جادّين في موقفهم ، ولم يتوّرعوا حتى عن النيل من الرسول صلى الله عليه و آله في سبيل هذه الغاية .
2 . لم يكن للكتابة تأثير حينذاك ، وذلك لأنّهم كانوا سيُشيعون هذا الكلام وهذا الرأي بين الناس ، ويُبطلون بذلك أيّ أثر لكتابة الصحيفة .
3 . لعلّ أهمّ ما كان يتمخّض عن ذلك هو أن لا يصل الإمام إلى الخلافة ، بل وكانت تضيع كلّ تعاليم الرسول ، ويقع التشكيك في حجّيّتها ، وتضمحلّ أوامره ونواهيه في خضمّ الأخذ والردّ . والحقيقة هي أنّ اتّهام الرسول صلى الله عليه و آله بالهذيان يعتبر من أكثر الحوادث مثارا للحزن والألم والمرارة في تاريخ الإسلام . ولعلّ أبلغ ما يعبّر عن ذلك هو كلام ابن عبّاس الذي كان يبكي ويقول :
«إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ ما حالَ بَينَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وبَينَ أن يَكتُبَ لَهُم ذلِكَ الكِتابَ !» .
والأمر المثير أنّه بعد سنتين من ذلك التاريخ حينما كان أبو بكر في اللحظات الأخيرة من حياته يعيش في حالة إغماء ولا قدرة له على الكلام نصب عمر بن الخطّاب خليفة من بعده بكتابة تلقينيّة من عثمان، غير أنّ أحدا لم يتّهمه بالهذيان !
وهكذا فقد وقعت تلك الإهانة، ولم تُكتب تلك الوصيّة، ووُضعت اُسس انحراف القيادة ، وحلَّ بالاُمّة ما لم يكن ينبغي أنّ يحلّ بها . وتبلور تاريخ المسلمين على نحو آخر حافل بكثير من الاضطرابات . ۱