255
منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام

وسنّة نبيّه وسيرة أبي بكر وعمر؟ فقال : لا ، ولكن أسير على كتاب اللّه وسنّة رسول اللّه قدر وسعي .
ولمّا عرض هذا السؤال على عثمان ، قال : أعمل بالقرآن وسنّة رسول اللّه وسيرة الشيخين. ثمّ كرّر عبد الرحمن سؤاله لعليّ عليه السلام ، فأجابه عليه السلام كما أجابه من قبل ، وأضاف لا حاجة مع كتاب اللّه وسيرة نبيّه إلى سيرة أحد ، ولكنّك تريد أن تزوي هذا الأمر عنّي 1 .
وهكذا اختار عبد الرحمن بن عوف عثمان للخلافة ، وأجلسه على مسند السلطة .
وذُبح الحقّ مرّة اُخرى على مذبح الزيف والفتنة ، ووجد الّذين سلّوا سيف العداوة ضدّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله سنوات طويلة ، أنّ الفرصة قد سنحت الآن في ظلّ الدعم الَّذي يوفّره لهم خليفة رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، لكي يستأنفوا مواقفهم العدائيّة ضدّه .
ولمّا رأى عليّ عليه السلام الأمر على هذه الشاكلة قال لعبد الرحمن :
«حَبَوتَهُ حَبوَ الدَّهرِ ، لَيسَ هذا أوَّلَ يَومٍ تَظاهَرتُم فيهِ عَلَينا ، «فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ» . 2
ثُمَّ قالَ لَهُ :
«وَاللّهِ ما وَلَّيتَ عُثمانَ إلّا لِيَرُدَّ الأَمرَ إلَيكَ» . 3
وصاحَ المِقدادُ :
«ما رَأَيتُ مِثلَ ما اُوتِيَ إلى أهلِ هذَا البَيتِ بَعدَ نَبِيِّهِم ! إنّي لَأَعجَبُ من قُرَيشٍ أنَّهُم

1.تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۱۶۲ .

2.يوسف : ۱۸ .

3.تاريخ الطبري : ج۴ ص۲۳۳ .


منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
254

الشورى ، لكنّ عليّا قال : لا ، بَل أدخُلُ مَعَهُم فِي الشّورى ؛ لِأَنَّ عُمَرَ قَد أهَّلَنِي الآنَ لِلخِلافَةِ ، وكانَ قَبلَ ذلِكَ يَقولُ : إنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله قالَ : إنَّ النُّبُوَّةَ وَالإِمامَةَ لا يَجتَمِعانِ في بَيتٍ ! ! فَأَنَا أدخُلُ في ذلِكَ لِاُظهِرَ لِلنّاسِ مُناقَضَةَ فِعلِهِ لِرِوايَتِهِ . ۱
ولكنّه أكّد بصريح القول أنّ عمر قد عدل ـ بهذا التركيب ـ الخلافة عن بني هاشم ، قائلاً : قد قرِنَ بي عُثمانُ ، ويَجِبُ اتِّباعُ الأَكثَرِيَّةِ ؛ فَسَعدٌ لا يُخالِفُ ابنَ عَمِّهِ عَبدَ الرَّحمنِ ، وعَبدُ الرَّحمنِ صِهرُ عُثمانَ ، وهُما لا يَختَلِفانِ ؛ فَلَو كانَ الآخَرانِ مَعي لم يَنفَعاني . ۲
تنحّى طلحة جانبا لصالح عثمان (على أساس الرواية الَّتي تقول إنّ طلحة قد حضر الشورى) ، وتنحّى الزبير جانبا لصالح عليّ عليه السلام ، وتنازل سعد عن حقّه لصالح عبد الرحمن . وأعلن عبد الرحمن أنّه أخرج نفسه من الخلافة ، واقترح على الآخرَين (عليّ عليه السلام وعثمان) أن يفوّض أحدهما حقّه للآخر ، فسكتا. وذكر الطبري أنّ عبد الرحمن بقي ليالي متوالية يشاور رؤساء الجيش والأشراف ، وكان لا يخلو بواحد منهم حتّى يأمره بعثمان ۳ . حتّى إذا انتهت الأيّام الثلاثة اجتمع النّاس صباحا في المسجد ، فخرج إليهم عبد الرحمن وقال : إنّي نظرت في النّاس فلم أرهم يعدلون بعثمان أحدا ۴ . بينما صاح عمّار والمقداد مؤكّدَين على انتخاب عليّ عليه السلام . وارتفعت الأصوات في المسجد ، وصاح عمّار : لماذا تُبعدون هذا الأمر عن أهل بيت الرسول؟! ۵
ثمّ إنّ عبد الرحمن بن عوف قال لعليّ عليه السلام : هل تعاهِد اللّه على العمل بكتاب اللّه

1.شرح نهج البلاغة : ج۱ ص۱۸۹.

2.الإرشاد : ج۱ ص۲۸۵ .

3.تاريخ الطبري : ج۴ ص۲۳۱ .

4.المصنّف لعبد الرزّاق : ج۵ ص۴۷۷ ح۹۷۷۵ .

5.تاريخ الطبري : ج۴ ص ۲۳۳ .

عدد المشاهدين : 404106
الصفحه من 987
طباعه  ارسل الي