تحليل لأسباب الثورة على عثمان
تمخّضت الشورى الَّتي عيّنها الخليفة الثاني عن اختيار عثمان خليفة للمسلمين الَّذي امتاز عهد خلافته وخاصّة السنوات الأخيرة منه بأهمّية استثنائيّة . فقبل ذلك عاش المجتمع الإسلامي حالة من الاستقرار في عهد خلافة الخليفة الثاني . وأكثر ما يُعزى هذا الاستقرار إلى غلظته الممزوجة بالاستبداد . فتحوّل ذلك المجتمع الهادئ بين ليلة وضحاها إلى مجتمع يموج بالاضطراب ويعجّ بالاعتراضات ضدّ الخليفة . فكيف تبلورت هذه القضيّة ؟ ومن أين نشأت تلك الاضطرابات والاحتجاجات الموجّهة ضدّ الخليفة ؟ وممّا لا ريب فيه إنّ النّاس الَّذين اجتمعوا في المدينة من مختلف الأمصار للتظلّم لدى الخليفة لم يكونوا يمثّلون فئة خاصّة ولا ولاية أو مدينة بعينها ،
بل كانوا من مختلف بقاع العالم الإسلامي. فيا ترى ما هي أسباب هذه الثورة ؟ وكيف يُحاصَر خليفة المسلمين ـ الَّذي كانت له صلة قربى مع الرسول صلى الله عليه و آله ـ ولا يهبّ أحد لنجدته ؟ !
لقد طال الحصار ولم يأتِ أحد لمناصرته من خارج المدينة . وحتّى استنجاده بمعاوية ـ الَّذي اتّخذ من قضيّة المطالبة بدمه ذريعة لتحقيق مآربه ـ بقي بلا طائل .
فمعاوية الَّذي جنّد في حرب صفّين جيشاً قوامه مئة ألف ، لم يرسل ولا حتّى