305
منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام

محبّة النّاس للخالق جلّ جلاله ؛ وما محبّة النّاس لهم إلّا محبّة للّه سبحانه . ۱
وعلى هذا الأساس تتخطّى القاعدة الصلبة الَّتي تقوم عليها الحكومة الإسلاميّة دائرة البيعة ورأي النّاس ؛ إذ للحكم الإسلامي جذر راسخ في حبّ النّاس وقلوبهم . وهنا يكمن سرّ كلّ هذا التركيز القرآني والأحاديث الإسلاميّة ، على محبّة أهل البيت عليهم السلام ومودّتهم . ۲
من جهةٍ اُخرى نعرف أنّ المحبّة لا ترتكن إلى الأمر ؛ إذ يمكن إجبار الإنسان على أن يقوم بعمل خلاف رغبته وضدَّ ميله الباطني ، ولكن لا يمكن إجباره على حبّ شخصٍ من دون أن ينجذب إليه ويميل له ذاتياً .
إنّ الإنسان عاشق للجمال بطبيعته ، فهو يحبّ جميع مظاهر الجمال المادّي والمعنوي . فإذا أحبّ منهج إنسان وسيرته وارتاح إلى فعله وعمله مالَ إليه وتوثّقت علاقته به ، وإذا نفر منه واستوحش فعله وسيرته لم يحبّه .
من هنا نفهم أنّ فلسفة وجوب محبّة أهل البيت ، تكمن في السعي من أجل معرفتهم معرفة حقيقيّة ؛ لأنّ سيرتهم وسلوكهم هما من الجمال والجاذبيّة بحيث لا يطّلع عليها إنسان وهو سليم الوجدان لم يفقد ضميره الإنساني ، إلّا أحبّهم وشعر بالمودّة إزاءهم .
وهنا بالضبط يكمن سرّ حبّ كلّ الَّذين عرفوا عليّ بن أبي طالب سواء أكانوا مسلمين أم غير مسلمين .
لقد استطاع الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أن يعكس في حياته وبالأخصّ خلال عهده

1.«من أحبّكم فقد أحبّ اللّه » (تهذيب الأحكام : ج۶ ص۹۷ وص۱۰۱ ح۱ ، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج۲ ص۶۱۳ ح۳۲۱۳) .

2.راجع : المحبّة في الكتاب والسنّة : القسم الأول / الفصل السابع / من تجب محبّته .


منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
304

منهج حكومة القلوب
(2 )
تنتهي عمليّة تفحّص النصوص الإسلاميّة في مضمار القواعد الَّتي تنهض عليها مرتكزات النظام الإسلامي ، إلى أنّ الإسلام هو دين الحكومة على القلوب ؛ وإلى أنّ المنطلقات السياسيّة للحكم الإسلامي هي اُصول هذا النوع من الحكم والإدارة ، ومن ثَمَّ فإنّ المباني السياسيّة للنظام العلوي هي ليست شيئاً غير مرتكزات الإدارة الإسلاميّة نفسها .
فالإسلام منهج لتكامل الإنسان ماديّاً ومعنويّاً ، وإنّ الحبّ هو أهم العناصر الَّتي تدخل في قوام هذا المنهج . لقد بلغ موقع الحبّ في قيام الحكومة الإسلاميّة ، ودوره في برامج هذا الدين من أجل تقدّم المجتمع الإنساني ، حدّاً جعل الإمام الباقر عليه السلام لا يرى الإسلام إلّا أنّه دين الحبّ وحسب ، وهو يقول : «هَلِ الدِّينُ إلّا الحُبُّ !» . ۱
ومن وجهة نظر الإمام أمير المؤمنين عليه السلام تقوم الدعائم الأساسيّة للإسلام واُصول منهاجه التكاملي ، على أساس محبّة اللّه ، حيث يقول :
«إنَّ هذَا الإِسلامَ دينُ اللّهِ الَّذِي اصطَفاهُ لِنَفسِهِ ، وَاصطَنَعَهُ عَلى عَينِهِ ، وأصفاهُ خِيَرَةَ خَلقِهِ ، وأقامَ دَعائِمَهُ عَلى مَحَبَّتِهِ» . ۲
كما أنّ أئمّة الدين والقادة السياسييّن الصادقين للاُمّة الإسلاميّة ، ما هُم إلّا مظاهر

1.دعائم الإسلام : ج۱ ص۷۱ .

2.نهج البلاغة : الخطبة ۱۹۸ .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
    المساعدون :
    غلامعلي، مهدي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1388
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 312069
الصفحه من 987
طباعه  ارسل الي