327
منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام

لم يكن الإمام يغفل في تدريب المقاتلين على ضروب الفنون العسكريّة أدقّ النقاط وأصغرها ، من قبيل عدم الانفصال عن السلاح في المعركة ، استثمار الفرص المناسبة لإنزال الضربة بالعدوّ ، طبيعة النظرة إلى قوّات العدوّ وكيفيّة ممارسة الانسحاب التكتيكي .

2 . تأسيس القوّات الخاصّة

واحدة من المعالم البارزة في سياسة الإمام الحربيّة تأسيسه قوّات خاصّة عرفت باسم «شُرْطة الخميس ۱ » أو ما يعبّر عنه اليوم بـ «الفدائييّن» .
لقد انضمّت إلى «شُرْطة الخميس» أوفى القوات للإمام وأكثرها إخلاصاً واستعداداً للتضحية والفداء ؛ فقد كانت هذه القوّات تتحلّى بكفاءة ممتازة ، ويستفيد منها الإمام في المهمّات الخاصّة .
لقد خاطب الإمام هذه القوّات في واحدة من خطبه ، بقوله عليه السلام : «أنتُمُ الأَنصارُ عَلَى الحَقِّ ، وَالإِخوانُ فِي الدّينِ ، وَالجُنَنُ ۲ يَومَ البَأسِ ، وَالبِطانَةُ دونَ النّاسِ ، بِكُم أضرِبُ المُدبِرَ ، وأرجو طاعَةَ المُقبِلِ ، فَأَعينوني بِمُناصَحَةٍ خَلِيَّةٍ مِنَ الغِشِّ ، سَليمَةٍ مِنَ الرَّيبِ ؛ فَوَاللّهِ إنّي لَأَولَى النّاسِ بِالنّاسِ» . ۳
ويمكن مقاربة «شُرْطة الخميس» في إطار الثقافة المعاصرة بمصطلح

1.الشُّرطة (بسكون الراء وفتحها) : الجُنْد ، والجمع شُرَط ؛ وهم أعوان السلطان والولاة ، وأوّل كتيبة تشهد الحرب ، وتتهيّأ للموت ، سُمّوا بذلك لأنّهم جعلوا لأنفسهم علامات يُعرفون بها للأعداء (مجمع البحرين : ج۲ ص۹۴۲) والمراد هنا نُخَبه وأصحابه عليه السلام المتقدّمين على غيرهم من الجند . والخميس : الجيش ، سمّي به لأنّه مقسوم بخمسة أقسام : المقدّمة والسابقة والميمنة والميسرة والقلب . وقيل : لأنّه تُخمّس فيه الغنائم (النهاية : ج۲ ص۷۹) .

2.الجُنَن : جمع جُنّة ؛ ما استترت به من سلاح (الصحاح : ج۵ ص۲۰۹۴) .

3.نهج البلاغة : الخطبة ۱۱۸ .


منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
326

تحمّل سُبابهم وتجريحهم ، ولم يقطع عنهم حَتّى عطاءهم من بيت المال !
أمّا في التعامل مع المتآمرين ضدّ الأمن العام فقد كان الإمام يختار الحكم بما يناسب سعة المؤامرة وعمقها . فقد كان ينفي المتآمرين حيناً ، ويحبسهم حيناً آخر ، وقد يلجأ إلى المواجهة العسكريّة والقوّة كحلٍّ .

اُصول السياسة الحربيّة

تنطوي السياسة الحربيّة للإمام على دروس كبيرة وعِبَر ، وهي جديرة بالاهتمام . وترجع هذه السياسة إلى الاُصول التالية :

1 . العناية بالتدريب الحربي وتنظيم الجيش

كان الإمام أمير المؤمنين عليه السلام واحداً من أبرز القادة العسكريين تجربة . فقد أمضى عمراً في سوح القتال ، وعلاوة على ما كان يتمتّع به من قوّة وشجاعة لا نظير لهما ، فقد كان على دراية تامّة بضروب الفنون العسكريّة .
لقد راح الإمام يتولّى بنفسه تدريب جيشه ، وكان قبل انطلاق المعركة يرتّب القوّات وينظّمها على نسق خاص ، وهو يكرّر على مسامعها أبرز النقاط التدريبيّة على هذا الصعيد .
لقد حصل في أثناء الغارات الَّتي شنّها معاوية أن ندَّت بعض الأصوات تتّهم الإمام أن لا علم له بالحرب ! فكان ممّا أجاب به وهو يشكو أصحابه ، قوله عليه السلام : «وَأفسَدتُم عَلَيَّ رَأيي بِالعِصيانِ وَالخِذلانِ ؛ حَتّى لَقَد قَالَت قُرَيشٌ : إنَّ ابنَ أبي طالِبٍ رَجُلٌ شُجاعٌ ، وَلكِن لا عِلمَ لَهُ بِالحَربِ .
للّهِِ أبوهُم ! وَهَل أحَدٌ مِنهُم أشَدُّ لَها مِرَاسَاً ، وأقدَمُ فيها مَقاماً مِنّي ! لَقَد نَهَضتُ فيها وَما بَلَغتُ العِشرِينَ ، وها أنذا قَد ذَرَّفتُ عَلَى السِّتّينَ ، وَلكِن لا رَأيَ لِمَن لا يُطاع !» . ۱

1.نهج البلاغة : الخطبة ۲۷ .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
    المساعدون :
    غلامعلي، مهدي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1388
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 302225
الصفحه من 987
طباعه  ارسل الي