تحمّل سُبابهم وتجريحهم ، ولم يقطع عنهم حَتّى عطاءهم من بيت المال !
أمّا في التعامل مع المتآمرين ضدّ الأمن العام فقد كان الإمام يختار الحكم بما يناسب سعة المؤامرة وعمقها . فقد كان ينفي المتآمرين حيناً ، ويحبسهم حيناً آخر ، وقد يلجأ إلى المواجهة العسكريّة والقوّة كحلٍّ .
اُصول السياسة الحربيّة
تنطوي السياسة الحربيّة للإمام على دروس كبيرة وعِبَر ، وهي جديرة بالاهتمام . وترجع هذه السياسة إلى الاُصول التالية :
1 . العناية بالتدريب الحربي وتنظيم الجيش
كان الإمام أمير المؤمنين عليه السلام واحداً من أبرز القادة العسكريين تجربة . فقد أمضى عمراً في سوح القتال ، وعلاوة على ما كان يتمتّع به من قوّة وشجاعة لا نظير لهما ، فقد كان على دراية تامّة بضروب الفنون العسكريّة .
لقد راح الإمام يتولّى بنفسه تدريب جيشه ، وكان قبل انطلاق المعركة يرتّب القوّات وينظّمها على نسق خاص ، وهو يكرّر على مسامعها أبرز النقاط التدريبيّة على هذا الصعيد .
لقد حصل في أثناء الغارات الَّتي شنّها معاوية أن ندَّت بعض الأصوات تتّهم الإمام أن لا علم له بالحرب ! فكان ممّا أجاب به وهو يشكو أصحابه ، قوله عليه السلام : «وَأفسَدتُم عَلَيَّ رَأيي بِالعِصيانِ وَالخِذلانِ ؛ حَتّى لَقَد قَالَت قُرَيشٌ : إنَّ ابنَ أبي طالِبٍ رَجُلٌ شُجاعٌ ، وَلكِن لا عِلمَ لَهُ بِالحَربِ .
للّهِِ أبوهُم ! وَهَل أحَدٌ مِنهُم أشَدُّ لَها مِرَاسَاً ، وأقدَمُ فيها مَقاماً مِنّي ! لَقَد نَهَضتُ فيها وَما بَلَغتُ العِشرِينَ ، وها أنذا قَد ذَرَّفتُ عَلَى السِّتّينَ ، وَلكِن لا رَأيَ لِمَن لا يُطاع !» . ۱