351
منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام

الفصل الثاني : الإصلاحات العلويّة

أ ـ صَوتُ العَدالَةِ وصَداها

۱۹۲.شرح نهج البلاغة عن أبي جعفر الإِسكافيّ :صَعِدَ ]عَلِيٌّ عليه السلام [ المِنبَرَ فِي اليَومِ الثّاني مِن يَومِ البَيعَةِ وهُوَ يَومُ السَّبتِ لِاءِحدى عَشَرَةَ لَيلَةً بَقينَ مِن ذِي الحِجَّةِ ، فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ ، وذَكَرَ مُحَمَّدا فَصَلّى عَلَيهِ ، ثُمَّ ذَكَرَ نِعمَةَ اللّهِ عَلى أهلِ الإِسلامِ ، ثُمَّ ذَكَرَ الدُّنيا فَزَهَّدَهُم فيها ، وذَكَرَ الآخِرَةَ فَرَغَّبَهُم إلَيها ، ثُمَّ قالَ :
أمّا بَعدُ ، فَإِنَّهُ لَمّا قُبِضَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله استَخلَفَ النّاسُ أبا بَكرٍ ، ثُمَّ استَخلَفَ أبو بَكرٍ عُمَرَ فَعَمِلَ بِطَريقِهِ ، ثُمَّ جَعَلَها شورى بَينَ سِتَّةٍ ، فَأَفضَى الأَمرُ مِنهُم إلى عُثمانَ ، فَعَمِلَ ما أنكَرتُم وعَرَفتُم ، ثُمَّ حُصِرَ وقُتِلَ ، ثُمَّ جِئتُموني طائِعينَ فَطَلَبتُم إلَيَّ ، وإنَّما أنَا رَجُلٌ مِنكُم ، لي ما لَكُم وعَلَيَّ ما عَلَيكُم ، وقَد فَتَحَ اللّهُ البابَ بَينَكُم وبَينَ أهلِ القِبلَةِ ، وأقبَلَتِ الفِتَنُ كَقِطَع اللَّيلِ المُظلِمِ ، ولا يَحمِلُ هذَا الأَمرَ إلّا أهلُ الصَّبرِ وَالبَصَرِ وَالعِلمِ بِمَواقِعِ الأَمرِ ، وإنّي حامِلُكُم عَلى مَنهَجِ نَبِيِّكُم صلى الله عليه و آله ومُنَفِّذٌ فيكُم ما اُمِرتُ بِهِ ، إنِ استَقَمتُم لي وبِاللّهِ المُستَعانُ . ألا إنَّ مَوضِعي مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله بَعدَ وَفاتِهِ كَمَوضِعي مِنهُ أيّامَ حَياتِهِ ، فَامضوا لِما تُؤمَرونَ بِهِ وقِفوا عندَ ما تُنهَونَ عَنهُ ، ولا تَعجَلوا في أمرٍ حَتّى نُبَيِّنَهُ لَكُم ، فَإِنَّ لَنا عَن كُلِّ أمرٍ تُنكِرونَهُ عُذرا .
ألا وإنَّ اللّهَ عالِمٌ مِن فَوقِ سَمائِهِ وعَرشِهِ أنّي كُنتُ كارِها لِلوِلايَةِ عَلى اُمَّةِ مُحَمَّدٍ


منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
350

وقد ارتضى هذا الرأي ابن أبي الحديد ، ونسبه إلى المعتزلة في كتابه شرح نهج البلاغة . ۱
وإذا تأمّلنا نصوص الباب نجد أنّ أكثر من عُرف بالتخلّف عن البيعة قد بايع الإمام عليه السلام ، لكنّ بيعة بعضهم ـ نظير : عبد اللّه بن عمر ، وسعد بن أبي وقّاص ـ لم تكن بمعنى الوفاء لقيادة الإمام ؛ حيث أعلنوا صراحة عدم مرافقتهم للإمام في حروبه . كما أنّ بيعة بعض آخر منهم ـ نظير : مروان بن الحكم ، وسعيد بن العاص ، والوليد بن عقبة ـ كانت بدوافع سياسيّة . ۲
ومن هنا يمكن عدّ هؤلاء في المتخلّفين عن البيعة ؛ لأنّ بيعتهم لم تكن حقيقيّة وكاملة ، كما يكن عدّهم في المبايعين ؛ لاشتراكهم من المراسم الرسميّة للبيعة . وبهذا يمكن الجمع بين النظريّتين .
وهنا احتمال ثالث ، وهو : أنّهم تخلّفوا عن البيعة العامّة الشاملة والَّتي كانت في المسجد ، وقد اختلقوا أعذارا لتبرير ذلك ، لكن لمّا تمّت البيعة واستحكمت خلافة الإمام عليه السلام رغبوا في البيعة .
ويؤيّد ذلك أنّ مروان بن الحكم والوليد بن عقبة وسعيد بن العاص جاؤوا إلى الإمام ـ بعد انتهاء البيعة العامّة ـ فبايعوه بعد نقاش .
كما يشهد له اعتراف عبد اللّه بن عمر واُسامة بن زيد وسعد بن أبي وقّاص ببيعة الإمام عليّ عليه السلام ، كما ورد في بعض النصوص .

1.شرح نهج البلاغة : ج۴ ص۹ و۱۰ .

2.أراد مروان أن يبايع الإمام بعد الانكسار في حرب الجمل ، لكنّ الإمام ردّ ذلك ، وقال في ردّه : «أوَلم يبايعني بعد قتل عثمان ؟ لا حاجة لي في بيعته ، إنّها كفّ يهوديّة» (نهج البلاغة : الخطبة ۷۳ ) .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
    المساعدون :
    غلامعلي، مهدي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1388
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 302184
الصفحه من 987
طباعه  ارسل الي