399
منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام

وكان رسول اللّه صلى الله عليه و آله مكلّفا برسالة إبلاغ الدين ، كما كان على عاتقه مهمّة الكشف عمّا سيحدث لهذه الاُمّة في المستقبل ؛ لأنّ دينه يتّصف بالخلود ، وهو لكلّ زمان ومكان . فكان يخبر بتلك المواجهات ، ويعرّف الناس بمُوقدي نار الفتنة ـ كما مرّ ـ فذكرهم في عِداد أهل الباطل ، وعرّفهم ، على أنّهم شرذمة فتنة ، وفئة باغية ، وقال صلى الله عليه و آله : «يا عَلِيُّ، سَتُقاتِلُكَ الفِئَةُ الباغِيَةُ وأنتَ عَلَى الحَقِّ ، فَمَن لَم يَنصُركَ يَومَئِذٍ فَلَيسَ مِنّي» . ۱
ومن جانب آخر ، فقد صرّح صلى الله عليه و آله للجميع بأحقّية الإمام عليه السلام في حروبه ، واستقامته فيها ، بعد أن كان يُطري على شخصيّة الإمام ، ويؤكّد أنّه مع الحقّ والحقّ معه دائما ۲ ، فقال صلى الله عليه و آله : «أنتَ . . . تُقاتِلُ عَن سُنَّتي» ۳ ، وقال : «حَربُ عَلِيٍّ حَربُ اللّهِ» ۴ ، وقال : «حَربُكَ حَربي» ۵ ، أو : «حَربُكَ حَربي ، وسِلمُكَ سِلمي» ۶ ، إلى غيرها من الأحاديث .
وبهذا كلّه أفصح رسول اللّه صلى الله عليه و آله عن مقام الإمام الإلهيّ ؛ لتستبين في المستقبل حقائق الأشخاص والأعمال ، وتتجلّى صفة الحقّ والباطل .
وبعد هذه النظرة المقتضبة سنكون مع إضمامة من الأخبار والأسانيد التي تتكفّل بإضاءة ما أوردناه :

1.تاريخ دمشق : ج۴۲ ص۴۷۳ ح۹۰۴۴ .

2.تاريخ بغداد : ج۱۴ ص۳۲۱ الرقم ۷۶۴۳ .

3.مسند أبي يعلى : ج۱ ص۲۷۱ ح۵۲۴ .

4.الخصال : ص۴۹۶ ح۵ .

5.المناقب لابن المغازلي : ص۵۰ ح۷۳ .

6.الأمالي للطوسي : ص۳۶۴ ح۷۶۳ .


منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
398

وكانت تلك المواجهات عسيرة ثقيلة إذا ما نظرنا إلى جذورها ، وكيفيّة تبلور الكيان الذي كان عليه مُوقدوها ، لاسيما أصحاب الجمل والنهروان ، وأصحر الإمام عليه السلام بذلك مرارا ، فقال : «لَو لَم أكُ فيكُم ما قوتِلَ أصحابُ الجَمَلِ وأهلُ النَّهرَوانِ !» . ۱
وقال : «إنّي فَقَأتُ عَينَ الفِتنَةِ ، ولَم يَكُن لِيَجتَرِئَ عَلَيها أحَدٌ غَيري ، بَعدَ أن ماجَ غَيهَبُها ۲ ، وَاشتَدَّ كَلَبُها ۳ » . ۴
تُرى ! من كان قادرا على إبصار ذلك السحاب المركوم من الأفكار الفاسدة ، والجهل المطبق ، والشرك المعقّد ، في ظلّ العناوين البرّاقة الخادعة ؛ كعنوان : الصحابة ، وعنوان السابقين ، ووجوه المتنسّكين الجهلة المتحجّرين أصحاب الجباه التي أثفنها السجود ؟ ! ومن كان متمكّنا من الأمر بقمع هؤلاء وإبادتهم ؟ !
أجل ، كان عمل عليّ عليه السلام عملاً عسيرا ، وكان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يرى ذلك كلّه في مرآة الزمن ، فأشار إليه مرارا ، وقال مخاطبا الإمام : «تُقاتِلُ عَلَى التَّأويلِ كَما قاتَلتُ عَلَى التَّنزيلِ» ، وقال : «إنَّ عَلِيَّ بنَ أبي طالِبٍ أخي ووَصِيّي ، يُقاتِلُ بَعدي عَلى تأويلِ القُرآنِ كَما قاتَلتُ عَلى تَنزيلِهِ» .وأكثر من ذلك أنّه صلى الله عليه و آله كشف هويّة مُسعّري الحروب ضدّ الإمام ، فقال : «هذا وَاللّهِ قاتِلُ القاسِطينَ وَالنّاكِثينَ والمارِقينَ بَعدي» .
من هنا كان بعض الصحابة يتحدّثون عن هذه الحقيقة قبل أن تُقبل الخلافة على الإمام عليه السلام .

1.الغارات : ج۱ ص۷ و ص۱۶ .

2.الغَيهَب : الظُّلمة (لسان العرب : ج۱ ص۶۵۳) .

3.الكَلَب : داء يعرض للإنسان من عضّ الكَلْب الكَلِب ، فيصيبُه شبه الجنون فلا يَعضّ أحدا إلّا كَلِبَ ، ويمتنع من شرب الماء حتى يموت عطشا (لسان العرب : ج۱ ص۷۲۳) .

4.نهج البلاغة : الخطبة ۹۳ .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
    المساعدون :
    غلامعلي، مهدي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1388
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 395906
الصفحه من 987
طباعه  ارسل الي