437
منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام

ومُشاةً ، وخَطَبَ طَلحَةُ فَقالَ : إنَّ عُثمانَ بنَ عَفّانَ كانَ مِن أهلِ السّابِقَةِ وَالفَضيلَةِ مِنَ المُهاجِرينَ الأَوَّلينَ ، وأحدَثَ أحداثاً نَقَمناها عَلَيهِ ، فَبايَنّاهُ ونافَرناهُ ، ثُمَّ أعتَبَ حينَ استَعتَبناهُ ، فَعَدا عَلَيهِ امرُؤٌ ابتَزَّ هذِهِ الاُمَّةَ أمرَها بِغَيرِ رِضىً ولا مَشورَةٍ ، فَقَتَلَهُ ، وساعَدَهُ عَلى ذلِكَ رِجالٌ غَيرُ أبرارٍ ولا أتقِياءَ ، فَقَتلوهُ بَريئاً تائِباً مُسلِماً ، فَنَحنُ نَدعوكُم إلَى الطَّلَبِ بِدَمِهِ ؛ فَإِنَّهُ الخَليفَةُ المَظلومُ . وتَكَلَّمَ الزُّبَيرُ بِنَحوٍ مِن هذَا الكَلامِ .
فَاختَلَفَ النّاسُ؛ فَقالَ قائِلونَ : نَطَقا بِالحَقِّ ، وقالَ آخَرونَ : كَذِبا ولَهُما كانا أشَدَّ النّاسِ عَلى عُثمانَ ! ! وَارتَفَعَتِ الأَصواتُ .
واُتِيَ بِعائِشَةَ عَلى جَمَلِها في هَودَجِها فَقالَت : صَهٍ صَهٍ ۱ ، فَخَطَبَت بِلِسانٍ ذَلقٍ وصَوتٍ جَهوَرِيٍّ، فأَسكَتَ ۲ لَهَا النّاسُ فَقالَت : إنَّ عُثمانَ خَليفَتَكُم قُتِلَ مَظلوماً بَعدَ أن تابَ إلى رَبِّهِ ، وخَرَجَ مِن ذَنبِهِ ، وَاللّهِ مابَلَغَ مِن فِعلِهِ ما يُستَحَلُّ بِهِ دَمُهُ ؛ فَيَنبَغي فِي الحَقِّ أن يُؤخَذَ قَتَلَتُهُ فَيُقتَلوا بِهِ ، ويُجعَلَ الأَمرُ شورى .
فَقالَ قائِلونَ : صَدَقتِ . وقالَ آخَرونَ : كَذَبتِ، حَتّى تَضارَبوا بِالنِّعالِ وتَمايَزوا ، فَصاروا فِرقَتَينِ : فِرقَةً مَعَ عائِشَةَ وأصحابِها ، وفرقَةً مَعَ ابنِ حُنَيفٍ ، وكانَ عَلى خَيلِ ابنِ حُنَيفٍ حُكَيمُ بنُ جَبَلَةَ ، فَجَعَلَ يَحمِلُ ويَقولُ :

خَيلي إلَيَّ إنَّها قُرَيشُلَيُردِيَنَّها نَعيمُها وَالطَّيشُ۳
وتَأَهَّبوا لِلقِتالِ ، فَانتَهَوا إلَى الزّابوقَةِ ۴ ، وأصبَحَ عُثمانُ بنُ حُنَيفٍ فَزَحَفَ إلَيهِم ، فَقاتَلَهُم أشَدَّ قِتالٍ ، فَكَثُرَت بَينَهُمُ القَتلى ، وفَشَت فيهِمُ الجِراحُ . ثُمَّ إنَّ النّاسَ تَداعَوا

1.هي كلمة زجر تقال عند الإسكات ، بمعنى اسكت (النهاية : ج۳ ص۶۳) .

2.أسكت : أي أعرض ولم يتكلّم . يقال : تكلّم الرجل ثمّ سكت بغير ألف ، فإذا انقطع كلامه فلم يتكلّم قيل : اسكت (النهاية : ج۲ ص۳۸۳) .

3.كذا ورد في المصدر ، وعجز البيت مختلّ الوزن .

4.الزابوقَة : موضع قريب من البصرة ، كانت فيه وقعة الجمل (معجم البلدان : ج۳ ص۱۲۵) .


منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
436

1 / 6

احتلال البصرة

أ ـ مُناقَشاتُ مَندوبِ الوالي وَالنّاكِثينَ

۳۴۸.أنساب الأشراف عن أبي مِخنَف في إسناده :ولَمّا قَرُبَت عائِشَةُ ومَن مَعَها مِنَ البَصرَةِ بَعَثَ إلَيهِم عُثمانُ بنُ حُنَيفٍ عِمرانَ بنَ الحُصَينِ الخُزاعِيَّ أبا نُجَيدٍ ، وأبَا الأَسوَدِ الدُّؤَلِيَّ ، فَلَقِياهُم بِحَفَرِ أبي موسى ۱ فَقالا لَهُم : فيما قَدِمتُم ؟ فَقالوا : نَطلُبُ بِدَمِ عُثمانَ ، وأن نَجعَلَ الأَمرَ شورى ؛ فَإِنّا غَضِبنا لَكُم مِن سَوطِهِ وعَصاهُ ؛ أفَلا نَغضَبُ لَهُ مِنَ السَّيفِ ؟ ! !
وقالا لِعائِشَةَ : أَمَرَكِ اللّهُ أن تَقَرّي في بَيتِكِ ؛ فَإِنَّكِ حَبيسُ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وحَليلَتُهُ وحُرمَتُهُ . فَقالَت لِأَبِي الأَسوَدِ : قَد بَلَغَني عَنكَ يا أبَا الأَسوَدِ ما تَقولُ فِيَّ ! ! فَانصَرَفَ عِمرانُ وأبُو الأَسوَدِ إلَى ابنِ حُنَيفٍ ، وجَعَلَ أبُو الأَسوَدِ يَقولُ :

يَا بنَ حُنَيفٍ قَد اُتيتَ فَانفِرِوطاعِنِ القَومَ وضارِب وَاصبِرِ
وَابرُز لَهُم مُستَلئِماً وشَمِّرِ
فَقالَ عُثمانُ : إي ورَبِّ الحَرَمَينِ لَأَفعَلَنَّ . ۲

ب ـ حَصرُ دارِ الإِمارَةِ وَالقِتالُ حَولَها

۳۴۹.أنساب الأشراف :ونادى عُثمانُ بنُ حُنَيفٍ فِي النّاسِ فَتَسَلَّحوا ، وأقبَلَ طَلحَةُ وَالزُّبَيرُ وعائِشَةُ حَتّى دَخَلُوا المِربَدَ مِمّا يَلي بَني سُلَيمٍ ، وجاءَ أهلُ البَصرَةِ مَعَ عُثمانَ رُكبانا

1.حَفَرُ أبي موسى : وهي ركايا أحفرها أبو موسى الأشعري على جادّة البصرة إلى مكّة (معجم البلدان : ج۲ ص۲۷۵) .

2.أنساب الأشراف : ج۳ ص۲۴ .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
    المساعدون :
    غلامعلي، مهدي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1388
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 296305
الصفحه من 987
طباعه  ارسل الي