443
منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام

يصغوا إلى رسول الإمام ، كما لم يصغوا إلى الإمام عليه السلام من قبل ۱ . وقد كان لعائشة وعبد اللّه بن الزبير خاصّة الدور الأكبر في ذلك .

أ ـ الإِقدامُ الشُّجاعُ لِاءِنقاذِ العَدُوِّ

۳۵۶.مروج الذهب :خَرَجَ عَلِيٌّ بِنَفسِهِ حاسِرا عَلى بَغلَةِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله لا سِلاحَ عَلَيهِ ، فَنادى : يا زُبَيرُ ، اخرُج إلَيَّ ، فَخَرجَ إلَيهِ الزُّبَيرُ شاكّا في سِلاحِهِ ، فَقيلَ ذلِكَ لِعائِشَةَ ، فَقالَت : وا ثُكلَكِ يا أسماءُ ، فَقيلَ لَها : إنَّ عَلِيّا حاسِرٌ ، فَاطمَأَنَّت . وَاعتَنَقَ كُلُّ واحِدٍ مِنهُما صاحِبَهُ .
فَقالَ لَهُ عَلِيٌّ : وَيَحكَ يا زُبَيرُ ! مَا الَّذي أخرَجَكَ ؟ قالَ : دَمُ عُثمانَ ، قالَ : قَتَلَ اللّهُ أولانا بِدَمِ عُثمانَ ، أما تَذكُرُ يَومَ لَقيتُ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله في بَني بَياضَةَ وهُوَ راكِبٌ حِمارَهُ ، فَضَحِكَ إلَيَّ رَسولُ اللّهِ ، وضَحِكتُ إلَيهِ ، وأنتَ مَعَهُ ، فَقُلتَ أنتَ : يا رَسولَ اللّهِ ، ما يَدَعُ عَلِيٌّ زَهوَهُ .
فَقالَ لَكَ : لَيسَ بِهَ زَهوٌ ، أ تُحِبُّهُ يا زُبَيرُ ؟
فَقُلتَ : إنّي وَاللّهِ لَاُحِبُّهُ .
فَقالَ لَكَ : إنَّكَ وَاللّهِ سَتُقاتِلُهُ وأنتَ لَهُ ظالِمٌ .
فَقالَ الزُّبَيرُ : أستَغفِرُ اللّهَ ، وَاللّهِ لَو ذَكَرتُها ما خَرَجتُ .
فَقالَ لَهُ عليه السلام : يا زُبَيرُ ، ارجِع ، فَقالَ : وكَيفَ أرجِعُ الآنَ وقَدِ التَقَت حَلقَتَا البِطانِ ۲ ؟!هذا وَاللّهِ العارُ الَّذي لا يُغسَلُ .
فَقالَ عليه السلام : يا زُبَيرُ ، ارجِع بِالعارِ قَبلَ أن تَجمَعَ العارَ وَالنّارَ .

1.الجمل : ص۳۳۶ ـ ۳۳۸ .

2.البِطان : حزام القتب الذي يجعل تحت بطن البعير . يقال : التقت حَلقَتا البِطان للأمر إذا اشتدّ (تاج العروس : ج۱۸ ص۶۲) .


منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
442

صوحان إلى طلحة والزبير وعائشة ، ومعه كتاب تحدّث فيه عن إثارتهم للفتنة ، وذكر فيه موقفهم الحاقد الماكر من عثمان بن حُنيف ، وحذّرهم من مغبّة عملهم ، وعاد صعصعة فأخبره قائلاً : «رَأَيتُ قَوما ما يُريدونَ إلّا قِتالَكَ» . ۱
وتأهّبت قوّات الطرفين للحرب ، بيد أنّ الإمام سلام اللّه عليه منع أصحابه من أن يبدؤوهم بقتال ، وحاول في بادئ أمره أن يردع اُولي الفتنة عن الحرب . وإنّ حديثه عليه السلام مع قادة جيش الجمل ، ومع الجيش نفسه يجلب الانتباه ۲ . وبذل قصارى جهوده في سبيل المحافظة على الهدوء ، والحؤول دون اشتعال نار الحرب ، فبعث إلى قادة الجيش رسائل يحثّهم فيها على عدم الاصطدام ۳ ، ثمّ أوفد مبعوثيه للتفاوض معهم ۴
. ولمّا لم تثمر جهوده شيئا ، ذهب بنفسه إليهم ۵ . ونلاحظ أنّ الإمام عليه السلام قد ترجم لنا في تلك الرسائل والمحاورات شخصيّته وأبان عظيم قدره ، وأماط اللثام عن الموقف السابق الذي كان عليه مساعير الحرب ، وتحدّث مرّة اُخرى عن قتل عثمان وكيفيّته بدقّة تامّة ، وكشف أبعاد ذلك الحادث ، وأغلق على مثيري الفتنة تشبّثهم بالمعاذير الواهية . ولمّا وجد ذلك عقيما وتأهّب الفريقان للقتال ، أوصى عليه السلام أصحابه بمَلْك أنفسهم والمحافظة على الهدوء ، وقال : «لا تَعجَلوا حَتّى اُعذِرَ إلَى القَومِ . . .» . فقام إليهم فاحتجّ عليهم فلم يجد عند القوم إجابة .
وبعد اللتيا والتي ، بعث ابن عبّاس ثانية من أجل التفاوض الأخير ؛ لعلّه يردعهم عن الحرب ؛ ، لئلّا تُسفك دماء المسلمين هدرا ، بيد أنّ القوم خُتم على سمعهم ، فلم

1.الجمل : ص۳۱۳ و ۳۱۴ .

2.قرب الإسناد : ص۹۶ ح۳۲۷ .

3.نهج البلاغة : الكتاب ۵۴ .

4.نهج البلاغة : الخطبة ۳۱ .

5.تاريخ الطبري : ج۴ ص۵۰۸ و ۵۰۹ .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
    المساعدون :
    غلامعلي، مهدي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1388
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 302368
الصفحه من 987
طباعه  ارسل الي