فَقالَ عَبدُ اللّهِ : أرى أنَّ نَبِيَّ اللّهِ صلى الله عليه و آله قُبِضَ وهُوَ عَنكَ راضٍ ، وَالخَليفَتانِ مِن بَعدِهِ ، وقُتِلَ عُثمانُ وأنتَ عَنهُ غائِبٌ . فَقِرَّ في مَنزِلِكَ فَلَستَ مَجعولاً خَليفَةً ، ولا تُريدُ أن تَكونَ حاشِيَةً لِمُعاوِيَةَ عَلى دُنيا قَليلَةٍ ، أوشَكَ أن تَهلِكَ فَتَشقى فيها .
وقالَ مُحَمَّدٌ : أرى أنَّكَ شَيخُ قُرَيشٍ وصاحِبُ أمرِها ، وإن تَصَرَّمَ هذَا الأَمرُ وأنتَ فيهِ خامِلٌ تَصاغَرَ أمرُكَ ، فَالحَق بِجَماعَةِ أهلِ الشّامِ فَكُن يَدا مِن أياديها ، وَاطلُب بِدَمِ عُثمانَ ، فَإِنَّكَ قَدِ استَنَمتَ فيهِ إلى بَني اُمَيَّةَ .
فَقالَ عَمرٌو : أمّا أنتَ يا عَبدَ اللّهِ فَأَمَرتَني بِما هُوَ خَيرٌ لي في ديني ، وأمّا أنتَ يا مُحَمَّدُ فَأَمَرتَني بِما هُوَ خَيرٌ لي في دُنيايَ ، وأنَا ناظِرٌ فيهِ . ۱
ج ـ وَعدُ المُؤازَرَةِ المَشروطَةِ
۳۹۱.سير أعلام النبلاء عن يزيد بن أبي حبيب وعبد الواحد بن أبي عون :لَمّا صارَ الأَمرُ في يَدِ مُعاوِيَةَ ، استَكثَرَ مِصرَ طُعمَةً لِعَمرٍو ما عاشَ ، ورَأى عَمرٌو أنَّ الأَمرَ كُلَّهُ قَد صَلَحَ بِهِ وبِتَدبيرِهِ ، وظَنَّ أنَّ مُعاوِيَةَ سَيَزيدُهُ الشَّامَ ، فَلَم يَفعَل ، فَتَنَكَّرَ لَهُ عَمرٌو . فَاختَلَفا وتَغالَظا ، فَأَصلَحَ بَينَهُما مُعاوِيَةُ بنُ حُدَيجٍ ، وكَتَبَ بَينَهُما كِتابا بِأَنَّ : لِعَمرٍو وِلايَةَ مِصرَ سَبعَ سِنينَ ، وأشهَدَ عَلَيهِما شُهودا ، وسارَ عَمرٌو إلى مِصرَ سَنَةَ تِسعٍ وثَلاثينَ ، فَمَكَثَ نَحوَ ثَلاثِ سِنينَ ، وماتَ . ۲
۳۹۲.الإمام عليّ عليه السلامـ في ذِكرِ عَمرِو بنِ العاصِ ـ: إنَّهُ لم يُبايِع مُعاوِيَةَ حَتّى شَرَطَ أن يُؤتِيَهُ أتِيَّةً ، ويَرضَخَ لَهُ عَلى تَركِ الدِّين رَضيخَةً . ۳