497
منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام

واضطرّتهم للفرار ، وهي أوّل مواجهة بين الجيشين في صفّين ، والذي شرع بهذه المواجهة جيش معاوية .
وفي أواخر ذي القعدة وصل جيش الإمام إلى صفّين ، بعد وصول جيش معاوية إليها لقربها من الشام ، واحتلال المناطق الحسّاسة من المنطقة .
وقد نظّم معاويةُ جيشَه بنحوٍ بحيث لا يتمكّن جيش الإمام من الوصول للماء . فنصحهم الإمام عليه السلام ، وأرسل اليهم رسولاً في ذلك ، لكن دون جدوى .
فهجم الأشتر والأشعث على جيش معاوية ـ بعد موافقة الإمام على ذلك ـ واستولوا على الماء . فأمر الإمام عليه السلام بتنظيم الجيش بنحوٍ يتمكّن معه الجيشان من الماء . وبهذا انتصر الإمام عليه السلام نصراً معنويّاً سجّله التاريخ في صفحاته بماء الذهب بأنّ الإمام يمنع التوسّل بالسبل غير الإنسانيّة في مواجهة العدوّ لتحصيل النصر .
ثمّ أرسل الإمام عليه السلام ممثّليه إلى معاوية كي يدفعوا به إلى الاستسلام ، ويحولون دون وقوع الحرب وإراقة الدماء . فلمّا أقبلوا على معاوية طردهم بغضب .
وفي شهر ذي الحجّة حصلت مناوشات ومواجهات متفرّقة بين الجيشين ؛ إذ كان الإمام في صدد إنهاء ذلك بالصلح دون الحرب ، ولذا لم تكن المواجهة بين تمام الجيشين .
ثمّ انقطعت هذه المواجهات المتفرّقة في شهر محرّم من عام 37 ه ، وصارت محادثات الصلح بصورة أكثر جدّية ، لكنّها لم تثمر شيئاً كسابقاتها .
فلمّا تقطّعت جميع السبل تهيّأ الإمام عليه السلام للحرب ، فبدأت الحرب يوم الأربعاء أوّل شهر صفر عام 37 ه . وكانت الحرب في الاُسبوع الأوّل بهذه الكيفيّة :
يخرج صباح كلّ يوم أحد القادة الأبطال لجيش الإمام ويحارب العدوّ حتى المساء ، ثم تنقطع الحرب إلى اليوم التالي دون حصول نصر لأحد الطرفين على


منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
496

طَويلاً ثُمَّ قالَ : إنَّ خِفَّةَ الأَشتَرِ وسوءَ رَأيِهِ هُوَ حَمَلَهُ عَلى إجلاءِ عُمّالِ ابنِ عَفّانَ مِنَ العِراقِ ، وَانتِزاؤُهُ عَلَيهِ يُقَبِّحُ مَحاسِنَهُ ، ومِن خِفَّةِ الأَشتَرِ وسوءِ رَأيِهِ أن سارَ إلَى ابنِ عَفّانَ في دارِهِ وقَرارِهِ حَتّى قَتَلَهُ ، فيمَن قَتَلَهُ فَأَصبَحَ مُتَّبَعا بِدَمِهِ ، ألا لا حاجَةَ لي في مُبارَزَتِهِ . قالَ : قُلتُ : إنَّكَ قَد تَكَلَّمتَ فَاسمَع حَتّى اُجيَبَك ، فَقالَ : لا ، لا حاجَةَ لي فِي الاِستِماعِ مِنكَ ولا في جَوابِكَ ، اذهَب عَنّي . فَصاحَ بي أصحابُهُ فَانصَرَفتُ عَنهُ ، ولَو سَمِعَ إلَيَّ لَأَخبَرتُهُ بِعُذرِ صاحِبي وحُجَّتِهِ . فَرَجَعتُ إلَى الأَشتَرِ فَأَخبَرتُهُ أنَّهُ قَد أبَى المُبارَزَةَ ، فَقالَ : لِنَفسِهِ نَظَرَ .
فَواقَفناهُم حَتّى حَجَزَ اللَّيلُ بَينَنا وبَينَهم وَبِتنا مُتَحارِسينَ ، فَلَمّا أصبَحنا نَظَرنا فَإِذَا القَومُ قَدِ انصَرَفوا مِن تَحتِ لَيلَتِهِم ، ويُصَبِّحُنا عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ غُدوَةً . فَقَدِمَ الأَشتَرُ فيمَن كانَ مَعَهُ في تِلكَ المُقَدِّمَةِ حَتَّى انتَهى إلى مُعاوِيَةَ فَواقَفَهُ ، وجاءَ عَلِيٌّ في أثَرِهِ فَلَحِقَ بِالأَشتَرِ سَريعا فَوَقَفَ وتَواقَفوا طَويلاً . ۱

2 / 7

مواجهة الجيشين

توجّه الإمام عليه السلام من الكوفة باتّجاه الشام في شهر شوّال من عام 36 ه ، ولمّا كان الطريق المستقيم بينهما يمرّ عبر صحراء جرداء لا عشب فيها ولا ماء ولم تكن للإمام عليه السلام المعدّات الكافية لدعم جيشه الذي قوامه مِئة ألف ، اختار الطريق المحاذي للفرات (أي مسير الجزيرة) . فمرّ على كربلاء وهيت و ... حتى وصل إلى الرقّة قرب صفّين .
فالتقت مقدّمة جيش الإمام بقيادة مالك الأشتر مع مقدّمة جيش معاوية

1.تاريخ الطبري : ج۴ ص۵۶۷ .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
    المساعدون :
    غلامعلي، مهدي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1388
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 302467
الصفحه من 987
طباعه  ارسل الي