وقد ازداد عددهم بمرور الأيّام ، وكانوا يحلقون رؤوسهم على طريقة خاصّة ۱ ، ويضعون عليها برانس خاصّة لتمييزهم عن غيرهم ، فعُرفوا ب«أصحاب البرانس» .
وكان القرّاء متفرّقين في مكّة ، والمدينة ، والشام ، والكوفة ، لكنّ معظمهم كان في الكوفة ۲ . ولم يشتركوا في الشؤون السياسيّة غالبا ، بَيْد أنّهم طفقوا ينتقدون عثمان في أيّام خلافته ، ولم يُطِق انتقادهم وتعنيفهم فنفاهم ، ولهم في الثورة عليه وقتله دَورٌ أيضا .
دور القرّاء في جيش الإمام عليّ عليه السلام
كان القرّاء ـ بسابقتهم الفكريّة والسياسيّة والاجتماعيّة هذه ـ يشكّلون قسما لافتا للنظر من جيش الإمام عليه السلام ، وعُرفوا بالشجاعة والإقدام والقتال ، وكان لهم موقع في جيشه عليه السلام ، بحيث إنّهم لمّا اُبيدوا في النهروان تركوا فراغا مشهودا في الجيش . ويدلّ على موقعهم أيضا أنّ معاوية عندما شنّ غاراته ، وحثَّ الإمامُ عليه السلام جُنده على الدفاع عن الثغور ، فلم يسمع جوابا منهم ، قال أحد أصحابه :
«ما أحوَجَ أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام ومَن مَعَهُ إلى أصحابِ النَّهرَوانِ !» ۳ .
القرّاء وفرض التحكيم على الإمام عليه السلام
ممّا يؤسف له أنّ هؤلاء القرّاء بماضيهم المعروف قد خدعتهم ـ وهم في جيش الإمام عليه السلام ـ المكائد الخفيّة لمعاوية وعمرو بن العاص وعملائهما ، بسبب تطرّفهم ، وإفراطهم أو تعمّقهم على حدّ تعبير النبيّ صلى الله عليه و آله ، ففرضوا التحكيم على الإمام عليه السلام .