ويَعلَمُ أنَّ قَليلَ ما يَحتَمِلُهُ مِن ضَرّائِها يُؤَدّيهِ إلى دَوامِ النَّعيمِ في دارٍ لا تَبيدُ ولا تَنفَدُ ، وأنَّ كَثيرَ ما يَلحَقُهُ مِن سَرّائِها إنِ اتَّبَعَ هَواهُ يُؤَدّيهِ إلى عَذابٍ لَا انقِطاعَ لَهُ ولا زَوالَ ، فَذلِكُمُ الرَّجُلُ نِعمَ الرَّجُلُ ، فَبِهِ فَتَمَسَّكوا ، وبِسُنَّتِهِ فَاقتَدوا ، وإلى رَبِّكُم بِهِ فَتَوَسَّلوا ؛ فَإِنَّهُ لا تُرَدُّ لَهُ دَعوَةٌ ، ولا تُخَيَّبُ لَهُ طَلِبَةٌ» ۱ .
آثار التعمّق
من المناسب أن نتحدّث عن آثار «التعمّق» بعد أن تعرّفنا على طبيعته وجذوره ؛ فإنّا نلحظ أنّ الأحاديث التي أحصت أخطار الجاهل «المتنسّك» هي في الحقيقة قد صوّرت آثار «التعمّق» الضارّة . ونقرأ في هذه الأحاديث : أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أخبر بهلاك اُمّته على يد العلماء الفجّار ، والعبّاد الجهّال . وقد تجسّد هذا الخبر في أيّام حكومة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام واتّخذ شكله يومئذٍ ، قال عليه السلام :
«قَصَمَ ظَهري عالِمٌ مُتَهَتِّكٌ ، وجاهِلٌ مُتَنَسِّكٌ» ۲ .
وقال : «قَطَعَ ظَهرِي اثنانِ : عالِمٌ فاسِقٌ . . . وجاهِلٌ ناسِكٌ» ۳
وقال في خطبة له عليه السلام :
«قَطَعَ ظَهري رَجُلانِ مِنَ الدُّنيا : رَجُلٌ عَليمُ اللِّسانِ فاسِقٌ ، ورَجُلٌ جاهِلُ القَلبِ ناسِكٌ ؛ هذا يَصُدُّ بِلِسانِهِ عَن فِسقِهِ ، وهذا بِنُسُكِهِ عَن جَهلِهِ ؛ فَاتَّقُوا الفاسِقَ مِنَ العُلَماءِ ، وَالجاهِلَ مِنَ المُتَعَبِّدينَ ، اُولئِكَ فِتنَةُ كُلِّ مَفتونٍ» ۴
.
نلحظ هنا أنّ الإمام عليه السلام بكلماته هذه يذكّر بمشكلة حكومته في الحقيقة ، وأنّه