565
منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام

وحواره مع رُسُله إليه دليل على نفاقه ۱ .
وعندما احتدم القتال ، وتضعضع جيش معاوية ، ولاحت في الاُفق بشائر آيات النصر لجيش الإمام عليه السلام ، خطب الأشعث بقبيلته ، وأفزعهم ذاكرا ترمّل النساء ويُتم الأطفال ، فبان وهن عجيب في صفوفهم ۲ . ولمّا رفع أصحاب معاوية المصاحف بمكيدة ابن العاص ، خطب الأشعث وأكره الإمام عليه السلام على قبول التحكيم ۳ . وحينما وافق الإمام على التحكيم ، واختار مالك الأشتر أو عبد اللّه بن عبّاس ممثّلاً عنه ، عمل الأشعث بكلّ ماله من قوّة للحيلولة دون ذلك ۴ . ولمّا كُتِب نصّ التحكيم رفعه أمام الجيش ، فصاح بعض الأفراد قائلين : لا حكم إلّا للّه ۵ . و بعد أن انكشفت أسرار المؤامرة قليلاً هبّ أولئك المخدوعون فاتّهموا عليّا عليه السلام بالإثم ، وطلبوا منه أن يتوب . وعندما أراد عليه السلام أن يُخمد نار الفتنة باُسلوب لطيف ، ويُعبّئ الناس نحو الشام واصل الأشعث إثارته للفتنة ، وحاول أن يُرجع المخدوعين الذين كانوا عازمين على الذهاب مذعنين بالحقّ إلى موضعهم الأوّل ، فزاد بذلك إيقاد الفتنة ۶ .
وهكذا زرع الأشعث بذرة الفتنة ، واتّخذ سبيله مع أشخاص كثيرين ، وخرج من جيش الإمام عليه السلام ، وقصد الكوفة .
وكان الأشعث ملوّث النفس ، سقيم الفكر ، ذا موقفٍ معادٍ ، واستطاع أن يمارس دورا خبيثا مؤثّرا في إثارة الفتنة إبّان حرب النهروان . وكان يتّخذ المواقف من منطلق الأهواء ، والميول المادّية ، والعصبيّات القَبَليّة متلبّساً برداء المعايير الإلهيّة

1.وقعة صفّين : ص۴۰۸ .

2.وقعة صفّين : ص۴۸۱ .

3.وقعة صفّين : ص۴۸۲ .

4.وقعة صفّين : ص۴۹۹ .

5.وقعة صفّين : ص۵۱۲ .

6.شرح نهج البلاغة : ج۲ ص۲۸۰ .


منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
564

وصاروا مصدرا للغيّ والضياع في المجتمع الإسلامي .

دور المتغلغلين

ينبغي في الختام ألّا نغفل عن نقطةٍ في تحليل فتنة الخوارج واستقصاء جذورها ، وتتمثّل هذه النقطة في دور المتغلغلين بخاصّة «القاسطين» في انحراف «المارقين» ، مع تذكيرنا بصعوبة العثور على وثائق تاريخيّة لإثبات هذا الموضوع نتيجةً للسرّيّة الموجودة في هذا المجال بشكل طبيعيّ ، بَيْد أنّنا يتسنّى لنا أن نبلغ ما نصبوا إليه إلى حدٍّما عبر قرائن معيّنة ، ومن هذه القرائن التي يمكن أن تساعد الباحث في هذا الحقل : دراسة دور الأشعث بن قيس في هذه الفتنة ۱ .
إنّ التأمّل في النصوص التاريخيّة ، لاسيّما فيما ذكره كتاب «وقعة صفّين» الثمين حول الأشعث وموقفه في ذروة القتال يوم صفّين وما بعده لا يدع مجالاً للشكّ في أنّه لم يرتبط بالإمام عليه السلام ولم يُوالِه قطّ ، وأنّه كان عنصرا متغلغلاً عميلاً لمعاوية في جيشه عليه السلام ، ويعود ذلك إمّا لإقالته عن ولاية آذربايجان ۲ ، وعزله عن رئاسة قبيلته ۳ ، أو لتقلّباته الاعتقاديّة واضطراب عقائده الدينيّة ، ممّا دفع ابن أبي الحديد أن يقول :
«كُلُّ فَسادٍ كانَ في خِلافَةِ عَلِيٍّ عليه السلام وكُلُّ اضطِرابٍ حَدَثَ فَأَصلُهُ الأشَعَثُ» ۴ .
وكان الأشعث متّهما بارتباطه بمعاوية ، وهو نفسه كان منتبها إلى هذه النقطة ، حذِرا منها ، وكان يحاول ألّا يعمل ما يفضحه ويكشف للناس حقيقته ، وقد راودته فكرة التوجّه إلى معاوية بعد عزله ، فمنعه قومه من ذلك ۵ . وارتباطاته مع معاوية ،

1.راجع : ص ۹۰۶ (الأشعث بن قيس) .

2.وقعه صفّين : ص۲۱ .

3.وقعة صفّين : ص۱۳۷ ـ ۱۳۹ .

4.شرح نهج البلاغة : ج۲ ص۲۷۹ .

5.وقعة صفّين : ص۲۱ .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
    المساعدون :
    غلامعلي، مهدي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1388
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 312067
الصفحه من 987
طباعه  ارسل الي