ورَدَّ عَلِيٌّ ابنَ عَبّاسٍ إلى البَصرَةِ ، قامَ فِي الكوفَةِ فَخَطَبَهُم ، فَقالَ :
الحَمدُ للّهِِ وإن أتَى الدَّهرُ بِالخَطبِ الفادِحِ ، وَالحَدَثانِ الجَليلِ ، وأشهَدُ أن لا إلهَ إلَا اللّهُ ، وأنَّ مُحَمَّدا رَسولُ اللّهِ .
أمّا بَعدُ ، فَإِنَّ المَعصِيَةَ تورِثُ الحَسرَةَ ، وتُعقِبُ النَّدَمَ ، وقَد كُنتُ أمَرتُكُم في هذَينِ الرَّجُلَينِ وفي هذِهِ الحُكومَةِ أمري ، ونَحَلتُكُم رَأيي ، لَو كانَ لِقَصيرٍ أمرٌ ! ولكِن أبَيتُم إلّا ما أرَدتُم ، فَكُنتُ أنَا وأنتُم كَما قالَ أخو هَوازِنَ :
أمَرتُهُمُ أمري بِمُنعَرَجِ اللِّوىَفَلَم يَستَبينُوا الرُّشدَ إلّا ضُحَى الغَدِ
ألا إنَّ هذَينِ الرَّجُلَينِ اللَّذَينِ اختَرتُموهُما حَكَمَينِ قَد نَبَذا حُكمَ القُرآنِ وَراءَ ظُهورِهِما ، وأحيَيا ما أماتَ القرآنُ ، وَاتَّبَعَ كُلُّ واحِدٍ مِنهُما هَواهُ بِغَيرِ هُدىً مِنَ اللّهِ ، فَحَكَما بِغَيرِ حُجَّةٍ بَيِّنَةٍ ، ولا سُنَّةٍ ماضِيَةٍ ، وَاختَلَفا في حُكمِهِما ، وكِلاهُما لَم يَرشُد ، فَبَرِئَ اللّهُ مِنهُما ورَسولُهُ وصالِحُ المُؤمِنينَ . اِستَعِدّوا وتَأَهَّبوا لِلمَسيرِ إلَى الشّامِ ، وأصبِحوا في مُعَسكَرِكُم إن شاءَ اللّهُ يَومَ الإِثنَينِ . ۱
ب ـ اِستِنصارُ الإِمامِ عليه السلام الخَوارِجَ في قِتالِ مُعاوِيَةَ
۴۶۵.أنساب الأشراف عن أبي مجلز :بَعَثَ عَلِيٌّ إلَى الخَوارِجِ أن سيروا إلى حَيثُ شِئتُم ، ولا تُفسِدوا فِي الأَرضِ ؛ فَإِنّي غَيرُ هائِجِكُم ما لَم تُحدِثوا حَدَثا .
فَساروا حَتّى أتَوُا النَّهرَوانَ ، وأجمَعَ عَلِيٌّ عَلى إتيانِ صِفّينَ ، وبَلَغَ مُعاوِيَةَ فَسارَ حَتّى أتى صِفّينَ .
وكَتَبَ عَلِيٌّ إلَى الخَوارِجِ ـ بِالنَّهرَوانِ ـ : أمّا بَعدُ ، فَقَد جاءَكُم ما كُنتُم تُريدونَ ، قَد تَفَرَّقَ الحَكَمانِ عَلى غَيرِ حُكومَةٍ ولَا اتِّفاقٍ ، فَارجِعوا إلى ما كُنتُم عَلَيهِ ، فَإِنّي اُريدُ