الحيرَةِ ۱ وَالكوفَةِ ، فَوافوني بِها هُناكَ غَدا إن شاءَ اللّهُ .
قالَ : فَلَمّا كانَ مِنَ الغَدِ خَرَجَ يَمشي ، فَنَزَلَها بُكرَةً ، فَأَقامَ بِها حَتَّى انتَصَفَ النَّهارُ يَومُهُ ذلِكَ ، فَلَم يُوافِهِ مِنهُم رَجُلٌ واحِدٌ ، فَرَجَعَ .
فَلَمّا كانَ مِنَ العَشِيِّ بَعَثَ إلى أشرافِ النّاسِ ، فَدَخَلوا عَلَيهِ القَصرَ وهُوَ حَزينٌ كَئيبٌ ، فَقالَ :
الحَمدُ للّهِِ عَلى ما قَضى مِن أمري وقَدَّرَ مِن فِعلي وَابتَلاني بِكُم أيَّتُهَا الفِرقَةُ ؛ مِمَّن لا يُطيعُ اذا أمَرتُ ولا يُجيبُ إذا دَعَوتُ ، لا أبا لِغَيرِكُم ! ما تَنتَظِرونَ بِصَبرِكُم وَالجِهادِ عَلى حَقِّكُم ! المَوتُ وَالذُّلُّ لَكُم في هذِهِ الدُّنيا عَلى غَيرِ الحَقِّ ، فَوَاللّهِ ، لَئِن جاءَ المَوتُ ـ ولَيَأتِيَنَّ ـ لَيُفَرِّقَنَّ بَيني وبَينَكُم ، وأنَا لِصُحبَتِكُم قالٍ وبِكُم غَيرُ ضَنينٍ . ۲
ه ـ إستِشهادُ مُحَمَّدِ بنِ أبي بَكرٍ
ولّى الإمام عليه السلام محمّد بن أبي بكر على مصر سنة 36 ه باقتراح من عبد اللّه بن جعفر ، وذلك بعد عزل قيس بن سعد عنها ۳ . من هنا لم يشهد محمّدٌ معركة صفّين . ۴
تشدّد محمّد على أشخاص كان هواهم في عثمان ۵ ، فتمرّدوا عليه بعدما جرى في صفّين وما آلَت إليه من التحكيم ۶ ، وضيّقوا عليه الخناق ۷ ، وانتهز معاوية وعمرو
1.الحِيْرَة : مدينة جاهليّة ، كثيرة الأنهار ، وهي عن الكوفة على نحو فرسخ ، وكانت منازل آل النعمان بن المنذر (تقويم البلدان : ص۲۹۹) .
2.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۱۰۸ .
3.تاريخ الطبري : ج۴ ص۵۵۴ .
4.تاريخ الطبري : ج۴ ص۵۵۷ .
5.تاريخ الطبري : ج۵ ص۹۴ و ۹۵ .
6.الغارات : ج۱ ص۲۵۴ .
7.تاريخ الطبري : ج۵ ص۹۵ .