مُتَحَرِّياً صَلاحَكُم بِفَسادِ نَفسي ، ولكِن سَيُسَلَّطُ عَلَيكُم بَعدي سُلطانٌ صَعبٌ» . ۱
يوجّه الإمام في هذا الكلام خطابه إلى اُولئك الذين أساؤوا استخدام أجواء الحرّيّة في ظلال حكمه ، وصاروا يتمرّدون على طاعته ؛ بأنّني أستطيع كبقيّة السياسيّين المحترفين أن أضطرّكم إلى إطاعتي ، وبمقدوري أن أقوِّم أودَكم ببساطة من خلال القوّة وعبر منطق السيف ؛ بيدَ أنّني أربأ بنفسي أن اُقدم على ذلك ؛ لأنّ إصلاح أمركم بالسيف ومنطق القوّة لا يكون إلّا بالتضحية بقيمي الأخلاقيّة ، وهذا الثمن يتنافى مع فلسفة حكمي . لكن اعلموا بأنّ المستقبل يُخبئ لكم في أحشائه آتياً عظيماً! فبسلوككم هذا إنّما توطّئون لأنفسكم نازلة قومٍ لا يحكمونكم إلّا بالسيف ، ولا يتحدّثون إليكم إلّا بمنطق القوّة ، ولا يعرفون بكم الشفقة!
لقد خاطب الإمام أولئك بقوله عليه السلام : «لا يَصلُحُ لَكُم يا أهلَ العِراقِ إلّا مَن أخزاكُم وأخزاهُ اللّهُ!» . ۲
تحقّق نبوءة الإمام عليه السلام
هكذا مضى عليّ عليه السلام مظلوماً من بين الناس ؛ وبتعبيره : «إن كانَتِ الرَّعايا قَبلي لَتَشكو حَيفَ رُعاتِها ، وإنَّنِي اليَومَ لَأَشكو حَيفَ رَعِيَّتي» . ۳
لقد أوضح للاُمّة أنّ هضم الرعيّة لحقوق الوالي العادل لا يقلّ في تبعاته الخطرة على المجتمع عن عمل الوالي الظالم ، وهو يقول : «وإذا غَلَبَتِ الرَّعِيَّةُ واِلَيها ، أو أجحَفَ الوالي بِرَعِيَّتِهِ ، اختَلَفَت هُنالِكَ الكَلِمَةُ ، وظَهَرَت مَعالِمُ الجَورِ ، وكَثُرَ الإِدغالُ فِي الدّينِ ، وتُرِكَت مَحاجُّ السُّنَنِ ، فَعُمِلَ بِالهَوى ، وعُطِّلَتِ الأَحكامُ ، وكَثُرَت عِلَلُ