723
منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام

السماء بغلق الأبواب المشرعة على المسجد كلّها إلّا باب عليّ . يصرّح بمنزلة عليّ مرّات ومرّات ، ويمتدحه على مرأى من الاُمّة ومسمع ، ويشيد بمكانته ، ويذكر بوضوح أنّ من آذى عليّا فقد آذاه ، ومن سبّ عليّا فقد سبّ اللّه ورسوله . لكنّه يعود ليسجّل بقلب مصدوع مليء بالألم مظلوميّةَ الإمام ، وما يؤول إليه من الانغمار بدم الجراح ، فيقول مخاطبا إيّاه مواسيا : «بِأَبِي الوَحيدُ الشَّهيدُ» .
كما يقول صلى الله عليه و آله : «إنَّكَ مُقتولٌ وهذِهِ مَخضوبَةٌ مِن هذِهِ» .
وهكذا لا يرتقي إلى عليٍّ نظير في الأبعاد الإنسانيّة كلّها ، كما من العجب أن لا يرتقي إلى مظلوميّته أحدٌ أيضا !
على ضوء النقاط التي مرّت ، نقدّم فيما يلي شطرا من كلمات النبيّ صلى الله عليه و آله حيال عليّ عليه السلام :

أ ـ الخِلقَةُ

۵۶۸.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :خُلِقتُ أنَا وعَلِيٌّ مِن نورٍ واحِدٍ . ۱

۵۶۹.عنه صلى الله عليه و آله :خُلِقتَ يا عَلِيُّ مِن شَجَرَةٍ خُلِقتُ مِنها ، أنَا أصلُها ، وأنتَ فَرعُها ، وَالحُسَينُ وَالحَسَنُ أغصانُها ، ومُحِبّونا وَرَقُها ، فَمَن تَعَلَّقَ بِشَيءٍ مِنها أدخَلَهُ اللّهُ عَزَّ وجَلَّ الجَنَّةَ . ۲

۵۷۰.عنه صلى الله عليه و آله :هذا عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ ، لَحمُهُ لَحمي ، ودَمُهُ دَمي ، هُوَ مِنّي بِمَنزِلَةِ هارونَ مِن موسى ، إلّا أنَّهُ لا نَبِيَّ بَعدي . ۳

1.الخصال : ص۳۱ ح۱۰۸ .

2.عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج۲ ص۶۰ ح۲۳۳ .

3.المعجم الكبير : ج۱۲ ص۱۵ ح۱۲۳۴۱ .


منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
722

على «الصراط» أحد ولن يجوز عليه إنسان إلّا بإمضاء عليّ ، ولا غرو فهو «قسيم الجنّة والنار» .
عليٌّ في القيامة رفيق النبيّ وصاحبه ، وقرينه ، له في عرصاتها منزلة عظيمة ، بحيث يضيء وسط الجميع كالشمس المشرقة .

ي ـ مظلوميّة عليّ عليه السلام

لماذا كلّ هذا التركيز على شخصيّة عليّ ؟ ولماذا هذا التمجيد والتبجيل ؟ عليّ كبير ، وشأنه أعظم من أن يرقى إلى ذراه الطير ۱ ؛ فإذن ينبغي لهذه الشخصيّة أن تعرّف ، بَيدَ أنّ السؤال لا يزال : لماذا كلّ هذا التأكيد على لزوم حبّ عليّ وموالاته ؟ ولماذا هذا التحذير من مناوءاته ومخالفته وانتهاك حرمته ؟ عجبا لهذا الحديث المليء بالشجون !
لكأنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله يتشوّف ذلك كلّه ويتطلّع إليه عبر مرآة الزمان ؛ ينظر ضروب المظالم والإحن والأضغان ، يرى غربة عليّ ووحدته وما ينزل به من الظلم الفظيع . أجل ، لكأنّ رسول اللّه ينظر إلى ذلك كلّه ، وهو يخاطب أمير المؤمنين بقوله : «إنَّ الاُمَّةَ سَتَغدِرُ بِكَ مِن بَعدي» .
هذا النبيّ يحتضن عليّا وتنهمر عيونه بالدموع ، وهو يذكر عليّا وما ينزل به من ظلمٍ في الغد ؛ وهذا أمير المؤمنين يصف لنا المشهد وَوَجْد النبيّ ، بقوله :
«اِعتَنَقَنِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله ثُمَّ أجهَشَ باكِيا ، قُلتُ : ما يُبكيكَ ؟ قالَ : ضَغائِنُ قَومٍ لايُبدونَها لَكَ إلّا مِن بَعدي» .
يا للعجب !! رسول اللّه صلى الله عليه و آله ينتخب عليّا لمؤاخاته من بين الجميع ، ويأتيه أمر

1.إشارة لقول أمير المؤمنين عليه السلام : «ولا يرقى إليّ الطير» .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
    المساعدون :
    غلامعلي، مهدي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1388
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 311990
الصفحه من 987
طباعه  ارسل الي