وإن دلّ هذا على شيء فإنّما يدلّ على تحديد عمره في موقفه من الرسالة فحسب ، وإلّا فإنّ روحه الطاهرة لم تتلوّث بالشرك قطّ . وهكذا قالَ زين العابدين عليّ بن الحسين عليه السلام في جواب من سأله عن عمر الإمام عليه السلام عند إيمانه :
أوَكانَ كافِرا ؟ إنَّما كانَ لِعَلِيٍّ حَيثُ بَعَثَ اللّهُ عَزَّ وجَلَّ رَسولَهُ صلى الله عليه و آله عَشرُ سِنينَ ، ولَم يَكُن يَومَئِذٍ كافِرا .
ونضيف إلى أنّ ما نُقل عن أنّه عليه السلام كان ابن عشر سنين حين تصديقه بالرسالة يعدّ من أصحّ الأخبار وأشهرها . ۱
3 . من هنا لا مراء فيمن كان أوّل المؤمنين ! فبعض الصحابة أسلم بعد فترة قصيرة مضت على الرسالة ، وبعضهم أسلم بعد برهة من الزمن . أمّا عليّ عليه السلام فقد كانت روحه معطّرة بعبير الوحي منذ أيّامه الاُولى ، كما كان يعرف معالمه قبل البعثة وقد ألفه وتمرّس عليه ، ومن الطبيعيّ أنّه رافق أوّل قبس تألّق منه بلا تأخير .
والآن أيّ شأن لأقوال الذين يحاولون أن يستهينوا بإيمان عليٍّ عليه السلام لصغر سنّه ؟ !ليت لعِلية القوم المسنّين قليلاً من تلك الفطنة ، وسلامة الفطرة وخلوص القلب ، وليتهم ألِفوا نور الوحي !
4 . نُقلت روايات متنوّعة كثيرة في عبادة الإمام عليه السلام وصلاته . ولا تدلّ هذه الروايات على أنّه أوّل من صلّى بعد النبيّ فحسب ، بل تدلّ على أنّه سبق الآخرين إلى العبادة بثلاث أو خمس أو سبع سنين أيضا . ويمكن أن تشير هذه الروايات إلى عبادته عليه السلام قبل البعثة أيضا . ۲
1.لأ نّه عليه السلام ـ على المشهور ـ ولد بعد عام الفيل بثلاثين سنة (راجع : موسوعة عليّ بن أبي طالب عليه السلام : ج ۱ ص ۶۱ «المولد») وأيضا ـ على المشهور ـ كان عمره عليه السلام يوم استشهد في سنة (۴۰ ه) ۶۳ سنة (راجع: موسوعة عليّ بن أبي طالب عليه السلام : ج ۴ ص ۲۹۸ «تاريخ شهادته») ومجموعهما يدلّ على أنّه عليه السلام كان ابن عشر سنين عند البعثة .
2.نستثني من الذين سبقهم الإمام عليه السلام إلى الإيمان والعبادة خديجة عليهاالسلام ، إذ يحتاج هذا الموضوع إلى دراسة مستقلّة .