893
منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام

فاعترض عليه الإمام عليه السلام . ثمّ التحق بمعاوية بعد استشهاد الإمام عليه السلام ، ولم يَرعَوِ عن ارتكاب الجرائم .
ومنهم : المنذر بن الجارود . عنّفه الإمام عليه السلام لأ نّه أباح لنفسه التلاعب في بيت المال أيضا .
ومنهم : النّعمان بن عجلان ، لامه الإمام عليه السلام أيضا بسبب بذله الأموال على قبيلته وتصرّفه غير المشروع فيها لمصلحته ، ثمّ فرّ والتحق بمعاوية .
ومنهم : يزيد بن حجية ، ومصقلة بن هُبَيرة ، والقَعْقاع بن شور ، فقد فعلوا فعل أصحابهم المذكورين .
إنّ التأمّل في حياة عمّال الإمام عليه السلام ، وتحليل مواقفهم ، والنّظر في مآل حياتهم السياسيّة ، كلّ ذلك ذو بُعدٍ تربوي توجيهي للمرء .
ومن الضروري أن نستعرض في هذا المجال ملاحظات ترتبط بهذا الموضوع :
1 . الشخصيّات الفعّالة الموثوق بها كانت قليلة مع الإمام عليه السلام .
وهؤلاء هم الذين كانوا يُنتَدَبون للأعمال في مواطن متنوّعة . وظلّ الإمام عليه السلام في الحقيقة وحيدا بعد استشهاد عدد من عِلية أصحابه في صفّين ، وخلا الجوّ من هؤلاء الأعاظم . وعزم الإمام عليه السلام على تسريح هاشم بن عتبة إلى مصر بعد عزل قيس بن سعد ، بَيْدَ أنّه كان بحاجة إلى شخصيّته القِتاليّة في صفّين ؛ لذا أشخص محمّد بن أبي بكر إليها . وعندما استُشهد هاشم في صفّين ، لم يجد بُدّا إلّا إرسال مالك الأشتر إليها مع حاجته الشديدة إلى وجوده معه في مركز الخلافة الإسلاميّة .
2 . كان بين أصحاب الإمام عليه السلام رجال اُمناء صالحون ووجهاء اُولو سابقة مشرقة نقيّة من كلّ شائبة . وهؤلاء كانوا دعائم الحكومة وأعضاد النّظام العلَوي . ولا مناص من بقائهم إلى جانب الإمام عليه السلام ، إذ كان يشاورهم في شؤون الحكومة .


منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
892

وكان هؤلاء إذا نشبت الحرب لازموا الإمام عليه السلام ، ولم يقيموا في العاصمة ، ذلك لأنّ اُولي الكفاءة القياديّة وأصحاب الرأي عند المشاورة كانوا قليلين .
إذا ألقينا نظرة تاريخيّة على هؤلاء ، نجد أنّ مالك الأشتر هو الوجه المتألّق الَّذي لم تَشُبه شائبة قطّ . أمّا ابن عبّاس فإنّ ما اُشيع عليه من أخذ أموال البصرة حقيق بالتأمّل . وأمّا قيس بن سعد فإنّ عزله عن حكومة مصر ـ مع عظمته ـ لافت للنظر .
2 . الولاة المتديّنون الملتزمون المعتمدون الذين تنقصهم الكفاءة الإداريّة بشكلٍ من الأشكال . فهؤلاء لم يكن لهم باع يُذكر في تدبير الاُمور . ولقد كانوا من الوجهاء ، بَيْدَ أنّهم لم يتّخذوا القرار الحاسم في الظروف الحرجة ، ولم يتخلّصوا من الأزمات كما ينبغي . فمحمّد بن أبي بكر ، مع سموّ قدره ، عجز عن تهدئة الوضع في مصر ، وفقد قدرة الدفاع حين اضطربت اُمورها . وأبو أيّوب الأنصاري ، مع جلالته وعظمته ، لم يستطع مواجهة بُسر ولاذ بالفرار . وسهل بن حُنيف لم يسيطر على الأوضاع في تمرّد أهالي فارس وامتناعهم عن دفع الخراج ، فعُزل عن منصبه . وعبيد اللّه بن عبّاس ولّى مدبرا أمام بُسر . وعثمان بن حُنيف فَقدَ حزمه في مواجهة مكيدة النّاكثين ، وأخفق ، فأُلقيَ عليه القبض . وكميل بن زياد لم يُطِق غارات معاوية ، فهمّ بالمقابلة بالمثل وتوجّه لشنّ الغارة على مناطق الشام ، فلامه الإمام عليه السلام .
3 . الولاة الذين ليس لهم عقيدة راسخة ، ولم يتمتّعوا بإيمانٍ عميق وإن كانوا ساسة مدبّرين وذوي حسّ إداري فعّال . فهؤلاء لم يتورّعوا عن القبض على بيت المال والتلاعب به إسرافا وتبذيرا . وقد اشتكى منهم الإمام عليه السلام في الأيّام الأخيرة من حياته ، وقال : « لَوِ ائتَمَنتُ أحَدَكُم عَلى قَدَحٍ لَأَخَذَ عِلاقَتَهُ » . ۱
ومن هؤلاء : زياد بن أبيه ؛ فقد تصرّف في بيت المال بنحوٍ غير مشروع ،

1.البداية والنهاية : ج۷ ص۳۲۶ .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
    المساعدون :
    غلامعلي، مهدي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1388
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 405652
الصفحه من 987
طباعه  ارسل الي