899
منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام

ولنا أن نعدّ من فضائله ومناقبه صلاته على الجثمان الطاهر لسيّدة نساء العالمين فاطمة عليهاالسلام ، فقد كان في عداد من صلّى عليها في تلك الليلة المشوبة بالألم والغمّ والمحنة . ۱
وصرخاته بوجه الظلم ملأت الآفاق ، واشتهرت في التاريخ ؛ فهو لم يصبر على إسراف الخليفة الثالث وتبذيره وعطاياه الشاذّة ، وانتفض ثائراً صارخاً ضدّها، ولم يتحمّل التحريف الَّذيافتعلوه لدعم تلك المكرمات المصطنعة، وقدح في الخليفة وتوجيه كعب الأحبار لأعماله وممارساته . فقام الخليفة بنفي صوت العدالة هذا إلى الشام الَّتي كانت حديثة عهدٍ بالإسلام ، غيرَ مُلمّةٍ بثقافته . ۲
ولم يُطِقه معاوية أيضاً ؛ إذ كان يعيش في الشام كالملوك ، ويفعل ما يفعله القياصرة ، ضارباً بأحكام الإسلام عرض الجدار ، فأقضّت صيحات أبي ذرّ مضجعه ۳ . فكتب إلى عثمان يخبره باضطراب الشام عليه إذا بقي فيها أبو ذرّ ، فأمر بردّه إلى المدينة ۴ ، وأرجعوه إليها على أسوأ حال .
وقدم أبو ذرّ المدينة ، لكن لا سياسة عثمان تغيّرت ، ولا موقف أبي ذرّ منه ، فالاحتجاج كان قائماً ، والصيحات مستمرّة ، وقول الحقّ متواصلاً ، وكشف المساوئ لم يتوقّف . ولمّا لم يُجْدِ الترغيب والترهيب معه ، غيّرت الحكومة اُسلوبها منه ، وما هو إلّا الإبعاد ، لكنّه هذه المرّة إلى الرَّبَذة ۵
، وهي صحراء قاحلة حارقة ، وأصدر عثمان تعاليمه بمنع مشايعته ۶ . ولم يتحمّل أمير المؤمنين عليه السلام هذه التعاليم

1.رجال الكشّي : ج۱ ص۳۴ الرقم ۱۳ .

2.أنساب الأشراف : ج۶ ص۱۶۶ .

3.أنساب الأشراف : ج۶ ص۱۶۷ .

4.الطبقات الكبرى : ج۴ ص۲۲۶ .

5.الكافي : ج۸ ص۲۰۶ ح۲۵۱ .

6.مروج الذهب : ج۲ ص۳۵۱ .


منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
898

2

أبو ذَرٍّ الغِفارِيُّ ۱

جُنْدَب بن جُنادة ، وهو مشهور بكنيته . صوت الحقّ المدوّي ، وصيحة الفضيلة والعدالة المتعالية ، أحد أجلّاء الصحابة ، والسابقين إلى الإيمان ، والثابتين على الصراط المستقيم ۲ . كان موحِّداً قبل الإسلام ، وترفّع عن عبادة الأصنام ۳ . جاء إلى مكّة قادماً من البادية ، واعتنق دين الحقّ بكلّ وجوده ، وسمع القرآن .
عُدَّ رابعَ ۴ من أسلم أو خامسهم ۵ . واشتهر بإعلانه إسلامَه ، واعتقاده بالدين الجديد ، وتقصّيه الحقّ منذ يومه الأوّل . ۶
وكان فريداً فذّاً في صدقه وصراحة لهجته ، حتى قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله كلمته الخالدة فيه تكريماً لهذه الصفة المحمودة العالية : «ما أظَلَّتِ الخَضراءُ ، وما أقَلَّتِ الغَبراءُ ۷ أصدَقَ لَهجَةً مِن أبي ذَرٍّ » . ۸
وكان من الثلّة المعدودة الَّتي رعت حرمة الحقّ في خضمّ التغيّرات الَّتي طرأت بعد وفاة النّبيّ صلى الله عليه و آله ۹ . وتفانى في الدفاع عن موقع الولاية العلويّة الرفيعة ، وجعل نفسه مِجَنّاً للذبّ عنه ، وكان أحد الثلاثة الذين لم يفارقوا عليّاً عليه السلام قطّ . ۱۰

1.قد اختلف في اسمه ونَسَبه اختلافا كثيرا ، وما في المتن هو أكثر وأصحّ ما قيل فيه ، ولكنّه مشهور بكنيته ولقبه .

2.سير أعلام النّبلاء : ج۲ ص۴۶ الرقم ۱۰ ، الاستيعاب : ج۴ ص۲۱۶ الرقم ۲۹۷۴ .

3.الطبقات الكبرى : ج۴ ص۲۲۲ .

4.المستدرك على الصحيحين : ج۳ ص۳۸۵ ح۵۴۵۹ .

5.الطبقات الكبرى : ج۴ ص۲۲۴ .

6.الطبقات الكبرى : ج۴ ص۲۲۵ .

7.الخضْرَاء : السَّماء ، والغَبْرَاء : الأرض (النهاية : ج۲ ص۴۲) .

8.المستدرك على الصحيحين : ج۳ ص۸۵ ح۵۴۶۱ .

9.الخصال : ص۶۰۷ ح۹ .

10.رجال الكشّي : ج۱ ص۳۸ الرقم ۱۷ .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
    المساعدون :
    غلامعلي، مهدي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1388
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 394351
الصفحه من 987
طباعه  ارسل الي