93
منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام

فَدَنَت ، فَأَسَرَّ إلَيها شَيئا تَهَلَّلَ لَهُ وَجهُها .
ثُمَّ قَضى صلى الله عليه و آله وَيدُ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام اليُمنى تَحتَ حَنَكِهِ ۱ ، فَفاضَت نَفسُهُ صلى الله عليه و آله فيها ، فَرَفَعَها إلى وَجهِهِ فَمَسَحَهُ بِها ، ثُمَّ وَجَّهَهُ ، وغَمَّضَهُ ، ومَدَّ عَلَيهِ إزارَهُ ، وَاشتَغَلَ بِالنَّظَرِ في أمرِهِ . ۲

۴۸.كنز العمّال عن حذيفة بن اليمان :دَخَلتُ عَلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله في مَرَضِهِ الَّذي قُبِضَ فيهِ ، فَرَأَيتُهُ يَتَسانَدُ إلى عَلِيٍّ ، فَأَرَدتُ أن اُنَحِّيَهُ وأجلِسَ مَكانَهُ ، فَقُلتُ : يا أبَا الحَسَنِ ، ما أراكَ إلّا تَعِبتَ في لَيلَتِكَ هذِهِ ، فَلَو تَنَحَّيتَ فَأَعنَتُكَ ، فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : دَعهُ ؛ فَهُوَ أحَقُّ بِمَكانِهِ مِنكَ . ۳

۴۹.الإمام عليّ عليه السلام :لَقَد قُبِضَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله وإنَّ رَأسَهُ لَعَلى صَدري ، ولَقَد سالَت نَفسُهُ في كَفّي فَأَمرَرتُها عَلى وَجهي . ولَقَد وُلِّيتُ غُسلَهُ صلى الله عليه و آله وَالمَلائِكَةُ أعواني ، فَضَجَّتِ الدّارُ وَالأَفنِيَةُ ؛ مَلَأٌ يَهبِطُ ، ومَلَأٌ يَعرُجُ ، وما فارَقَت سَمعي هَينَمَةٌ ۴ مِنهُم ، يُصَلّونَ عَلَيهِ حَتّى وارَيناهُ في ضَريحِهِ . ۵

1.الحَنَك : باطن أعلى الفم من داخل . وقيل : هو الأسفل في طرف مُقدَّم اللَّحْيَيْن من أسفلهما (لسان العرب : ج۱۰ ص۴۱۶) .

2.الإرشاد : ج۱ ص۱۸۵ .

3.كنز العمّال : ج۱۶ ص۲۲۸ ح۴۴۲۶۶ .

4.هي الكلام الخفيّ لا يُفهَم (النهاية : ج ۵ ص ۲۹۰ «هينم») .

5.نهج البلاغة : الخطبة ۱۹۷ .


منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
92

عِندَ رَأسِهِ ، فَلَمّا فَتَحَ عَينَهُ نَظَرَ إلَيهِ وأعرَضَ عَنهُ بِوَجهِهِ ، فَقامَ أبو بَكرٍ وقالَ : لَو كانَ لَهُ إلَيَّ حاجَةٌ لَأَفضى بِها إلَيَّ .
فَلَمّا خَرَجَ أعادَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله القَولَ ثانِيَةً وقالَ : اُدعوا لي أخي وصاحِبي . فَقالَت حَفصَةُ : اُدعوا لَهُ عُمَرَ ، فَدُعِيَ ، فَلَمّا حَضَرَ رَآهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله فَأَعرَضَ عَنهُ ، فَانصَرَفَ .
ثُمَّ قالَ صلى الله عليه و آله : اُدعوا لي أخي وصاحِبي . فَقالَت اُمُّ سَلَمَةَ : اُدعوا لَهُ عَلِيّا ؛ فَإِنَّهُ لا يُريدُ غَيرَهُ . فَدُعِيَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام ، فَلَمّا دَنا مِنهُ أومَأَ إلَيهِ ، فَأَكَبَّ عَلَيهِ ، فَناجاهُ رسَولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله طَويلاً ، ثُمَّ قامَ فَجَلَسَ ناحِيَةً حَتّى أغفى رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَقالَ لَهُ النّاسُ : مَا الَّذي أوعَزَ إلَيكَ يا أبَا الحَسَنِ ؟ فَقالَ : عَلَّمَني ألفَ بابٍ ؛ فَتَحَ لي كُلُّ بابٍ ألفَ بابٍ ، ووَصّاني بِما أنَا قائِمٌ بِهِ إن شاءَ اللّهُ .
ثُمَّ ثَقُلَ صلى الله عليه و آله وحَضَرَهُ المَوتُ وأميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام حاضِرٌ عِندَهُ ، فَلَمّا قَرُبَ خُروجُ نَفسِهِ قالَ لَهُ : ضَع رَأسي يا عَلِيُّ في حِجرِكَ ؛ فَقَد جاءَ أمرُ اللّهِ عزَّ وجَلَّ ، فَإِذا فاضَت نَفسي فَتَناوَلها بِيَدِكَ وَامسَح بِها وَجهَكَ ، ثُمَّ وَجِّهني إلَى القِبلَةِ ، وتَوَلَّ أمري ، وصَلِّ عَلَيَّ أوَّلَ النّاسِ ، ولا تُفارِقني حَتّى تُوارِيَني في رَمسي ، وَاستَعِن بِاللّهِ تَعالى . فَأَخَذَ عَلِيٌّ عليه السلام رَأسَهُ فَوَضَعَهُ في حِجرِهِ ، فَاُغمِيَ عَلَيهِ ، فَأَكَبَّت فاطِمَةُ عليهاالسلامتَنظُرُ في وَجهِهِ وتَندُبُهُ وتَبكي وتَقولُ :

وأبيَضُ يُستَسقَى الغَمامُ بِوَجهِهِثِمالُ۱اليَتامى عِصمَةٌ لِلأَرامِلِ
فَفَتَحَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله عَينَيهِ ، وقالَ بِصَوتٍ ضَئيلٍ : يا بُنَيَّةُ ، هذا قَولُ عَمِّكِ أبي طالِبٍ ، لا تَقوليهِ ، ولكِن قُولي : «وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَـبِكُمْ»۲ . فَبَكَت طَويلاً ، فَأَومَأَ إلَيها بِالدُّنُوِّ مِنهُ ،

1.الثِّمال : المَلْجأ والغِياث . وقيل : هو المُطْعِم في الشِّدّة (النهاية : ج۱ ص۲۲۲) .

2.آل عمران : ۱۴۴ .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
    المساعدون :
    غلامعلي، مهدي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1388
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 302550
الصفحه من 987
طباعه  ارسل الي