شرحان لحديث «هل رأيت رجلاً» - الصفحه 153

و باعتبارٍ اثنان، ج1ج : الروحانيّ و هو الأوّلان ج2ج : و الجسماني و هو البواقي؛ و بعبارة أخرى الباطن و الظاهر.
و اذا عرفت هذا فنقول: معنى قولهِ - عليه السلام -: «هل رأيت رجلاً» هل شاهدت مشاهَدةً إشراقية عيانية شخصا كاملاً، حاصلاً له كلّ الكمالات ، و ثابتا له جميع النعوت و الصفات؛ و المراد به خاتم الأنبياء عليه و آله آلاف تحية جالف - 2ج و ثناء.

من آدمى به كمالت نديدم و نشنيدم اگر گِلى به حقيقت عجين آب حياتى
و يحتمل أن يكون المراد نفسه الشريفة، بناءً على اتّحاد السائل و المسئول عنه، و تكون الكلام بيان حال النفس بالتفكّر فيها؛ لأنّها مرقاة معرفة الربّ على وجه، كما وقع في الحديث: «من عرف نفسه فقد عرف ربّه ۱
و في بعض نسخ الحديث: «هل رأيت في الدنيا رجلاً» و قد عرفت أنّ الرجولية لاينافي التعلّق بالدنيا اذا كانت العلاقة مضمحلة مغلوبة «فقال: نعم ۲ »، و في النسخة الأخرى: «هل رأيت رجلاً».
«وإلى الآن أسأل عنه» و المراد بالسؤال استفادة أنوار العلوم و الاستضاءة بلمعات مشكاة الحكمة التي فيها مصباح النبوّة. و عدم ذكر بدو السؤال يشعر بعدم بدوٍ له، و هو كذلك كما لا يخفى على الزكيّ العارف.
و على الاحتمال الثاني في «الرجل»، يكون المراد بالسؤال، التفحّص و التجسّس عن حاله دُنوّا و عُلوّا و مبدءا و معادا، كما يشعر به قوله: «فقلت له: مَن أنت؟ فقال أنا الطّين» يعنى به القسم الأوّل من الطين، بناءً على كون اللاّم للعهد، و يحتمل أن تكون للحقيقة باعتبار تحقّقها في ضمن هذا الفرد أو في ضمن جميع الأفراد، بناءً على رجوليته و كونه كاملاً.
ز آب و گل چنين صورت كه ديده تعالى خالق الانسان من طين
«فقلت له: من أين؟ فقال: من الطين» جب -2ج أي سألتُ عنه بِمَ خلقت؟ فقال: خلقت من الطين. و المراد به الطين الأوّل، فكلمة «من» نشوية، داخلة على المادّة و الصورة. و يحتمل أن يكون المراد الطين الحسّي، و في الكلام إشارة إلى الحركة الجوهرية، فلا تغفل!
«فقلت: إلى أين؟ فقال: إلى الطين» أي سألتُ عن مصيره و مرجعه و محشره، و هو الطين الذي خلق منه بوجه، و المرجع هورقليا الأفلاك الذي فيه الحياة الجسمانية و العقل القدسي.
و على تقدير أن يكون المراد منه الطين الحِسّي يكون الكلام إشارة إلى قوله تعالى: «مِنْها خَلَقْناكُم و فيها نُعِيدُكُم۳».
«فقلت: أنا أنت» أي إذا كنت طينا من الطين و إلى الطين، فأنا أنت، لأنّي طين من الطين إلى الطين؛ و على الاحتمال الثاني في الرجل المسئول عنه؛ هذا ابتداء في الترقّي، فلا تغفل!
«فقال: أنت أبوتراب» أي لك كدخدائية بيت الأرض فقط؛ و تربية الأنواع الكائنة فيها حسب، فكيف يكون أنت أنا؟
«حاشاك» اللّه! أي نزّهك اللّه عن الاثنينية و المبائنة المستنبطة عن هذا القول المستلزمه للتحدّد و المحدودية.
«هذا من الدين في الدين»، أي كونك أبا تراب من وضع إلهي في الدين القويم و الصراط المستقيم، صراط عليٍّ حقّ نمسكه.

در كوى سپهر، آفتاب است على در روى زمين ابوتراب است على
القصه زمن شنو كه اندر دو جهان مجموعه فرد انتخاب است على۴

1.راجع : شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد : ج ۲۰ ، ص ۲۹۲ .

2.كذا .

3.طه، ۵۵ .

4.ج الف - ۳ج .

الصفحه من 160