شرحان لحديث «هل رأيت رجلاً» - الصفحه 160

و غير ذلك، و هو علم تفصيليٌّ فعليٌّ له تعالى بجملة الأشياء بحسب مرتبة وجودها في الأعيان، و كشفٌ حضوريٌّ بحسبه يحضر كلّ شيء بل كلّ ظلّ و فيء بوجوده الخارجي عنده سبحانه أزلاً و أبدا، بدون تجدّد و تغيّر و دثور و حدوث، مع تجدّد وجود كلّ في الخارج و تصرّمه في العين، و هو أيضا عين ذاته تعالى بوجه، و زائد بوجه آخر.
و أمّا قول «للذات» فالسرّ فيه كما أومأنا إنّما هو كون هذا الوجه الأيمن فعله و صنعه ۱ تعالى و أمره و شأنه و مشيته و إرادته و قضاؤه و قدرته في عرفٍ، بل تقديره و قضاؤه و إمضاؤه في عرف آخر. و ظاهر أنّ كلّ ذلك وصف له سبحانه وصف نفسه به «سُبحانَه و تَعالى عمّا يَصِفُونَ»۲.
و ليعلم أنّ الذات هو الوجود الحقّ، و الوصف هو الوجود المطلق و هو الصنع الأوّل، و فعله المطلق و المخلوق المصنوع الذي مرتبته بعد مرتبة الصنع هو الوجود المقيّد. و الصنع عين الصانع و المصنوع غيره، و الصنع واجب غني قديم، باقٍ بعين بقاء الصانع، دائم بدوامه من دون دثور و زوال و حدوث و تجدّد و انصرام، موجود بعين وجوده، واحد بوحدته «وَ مَا أمرُنا إلاّ واحِدَة»۳ ، و من ثمة قيل : «الواحد لايصدر إلاّ واحد» . و بسيط لا تركيب فيه أصلاً، و المصنوع ممكن محتاج حادث داثر زائل مركّب فانٍ غيرباقٍ «كلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ويَبْقى وَجْهُ۴رَبِّكَ ذُوالجَلالِ وَ الاِكْرَامِ»۵ و المراد من «الوجه الباقي بعد فناء كلّ الأشياء» ۶ انّما هو هذا الوجه الأيمن الأعلى، لا مجرد كنه الذات الأحديّة كما توهّمه العامّة، و ردّ عليهم أئمّتنا و سادتنا معادن العلم و الحكمة، عليهم صلوات اللّه تعالى و سلامه الأوفى. والسلام

فهرست

1.دقيقة نورية، قوله تعالى: «كن» رمز من الصنع و قوله: «فيكون» رمز من المصنوع (منه) .

2.الأنعام، ۱۰۰ .

3.القمر، ۵۰ .

4.م : ولايبقى إلاّ وجه .

5.الرحمن، ۲۶ .

6.مستفاد من هذه الفقرة من دعاء أمير المؤمنين عليه السلام : «وبوجهك الباقي بعد فناء كلّ شيء» ء بحار الأنوار ، ج ۸۶ ، ص ۳۲۶ و ج ۹۸ ، ص ۱۳۷ .

الصفحه من 160