خُطَبُ رسول الله(ص)في حجّة الوداع - الصفحه 321

في الكفّ عن الظُلم فيها لِعِظَمِ منزلتها ، ولأنّه ربما أدّى ذلك إلى ترك الظُلم أصلاً; لانطفاء النائرة ، وانكسار الحميّة في تلك المُدّة ۱ .
وبما أنّ العرب كانوا أصحاب غارات وحروب وقتال ، وربما كان يشقّ عليهم أن يمكثوا ثلاثة أشهر متواليات لايغزون ولايُغيرُ بعضُهم على بعض .
أو لأنّ التجّارَ الذين كان موسم الحجّ سوقَهم العظيمة ، ويُحبُّون أن يكون الموسمُ في وقت معتدل لايكون في شدّة الحرّ ولا شدّة البرد .
فلهاتين العلّتين أخّروا بعض الأشهر الحرام إلى شهر آخَر ، ويجعلون الشهر الحرام من الأشهر الحلال ، وهذا العمل اسمه النسيءُ ، وقد نهى الله تعالى عن ذلك وقال : (إِنَّمَا النَّسِىءُ زِيَادَةٌ فِى الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللهُ)۲ .
وقد استدار الزمان في عام حجّة الوداع كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض ، فاتّخذ هذا العام معياراً وميزاناً للأشهر الهلاليّة حتّى تستقيم في كلّ السنوات وفي جميع القرون الآتية ، وبذلك يستقيم حجّهم وصيامهم ، وتنتظم أمور المسلمين العبادية والاجتماعية .
14ً ـ التذكير بحقوق النساء : المرأة هي العنصر الثاني لتكوين المخلوق البشري على امتداد حياة البشرية ، وحيث كان - في الأزمنة القديمة - بين الأمم وفي العرب خاصّة مَن يبغضُ الاُنثى . وقد أخبر الله تعالى عنه فقال : (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالاُْنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ)۳ فكانوا يُحلّون دفن بناتهم أحياءً ، نَهى الله تعالى عن ذلك ، وبالغ رسوله الكريم(صلى الله عليه وآله) في إصلاح ما فسدَ من عقولهم وأفكارهم ، وفي هذا المشهد العامّ - وهو من اُخريات مشاهد المسلمين مع

1.مجمع البيان : ۵ / ۴۷ .

2.سورة التوبة : ۳۷ .

3.سورة النحل : ۵۸ .

الصفحه من 342