خُطَبُ رسول الله(ص)في حجّة الوداع - الصفحه 325

وفي كنز العمّال : إنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) قال لبلال عشيّة عرفة : نادِ في الناس لينصتوا . فنادى الناس أن انصتوا واستمعوا . فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : «إنّ الله قد تطوّلَ في جمعكم هذا فوهبَ مسيئَكم لمحسنكم ، وأعطى محسنَكم ما سألَ ، فادفعُوا على بركة الله ۱ » .
وفي السنن الكبرى للبيهقي بالسند عن عبّاس بن مِرداس أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)دعا عشيّة عرفَة لاُمّته بالمغفرة والرحمة فأكثر الدّعاء ، فأوحى الله تعالى إليه: «إنّي قد فعلت ، إلاّ ظُلْمَ بعضهم بعضاً ، وأمّا ذُنُوبهم في ما بيني وبينهم فقد غفرتُها » . فقال : «ياربّ إنّك قادرٌ على أن تُثيبَ هذا المظلومَ خيراً من مظلمته ، وتغفر لهذا الظالم» ، فلم يُجبْه تلك العشيّة ، فلمّا كان غداةَ المزدلفة أعادَ الدُّعاء ، فأجابَه الله ـ عزّوجلّ ـ : «إنّي قد غفرتُ لهم » . فتبسّمَ رسول الله(صلى الله عليه وآله) فقال له بعض أصحابه : يا رسول الله! تبسّمت في ساعة لم يكن تبَسَّم فيها ! . قال : «تبسَّمْتُ من عدوّ الله إبليس ، إنّه لـمّا عَلِمَ أنّ الله قد استجابَ لي في أُمّتي أهوى يدعو بالويل والثُبُور ، ويحثُو الترابَ على رأسه» ۲ .
وقال أنس بن مالك : وقف النبيّ(صلى الله عليه وآله) بعرفات ، وقد كادت الشمس أن تؤوب ، فقال : «يا بلال ، أنصِتْ لي الناس» . فقام بلال فقال : أنصِتوا لرسول الله(صلى الله عليه وآله)فأنصَتَ الناس ، فقال : « معشر الناس ، أتاني جبرائيل(عليه السلام) آنفاً فأقرأني من ربِّي السلامَ ، وقال : إنّ الله عزّوجلّ غفرَ لأهل عرفات ، وأهل المشعر ، وضمِنَ عنهم التَّبِعاتِ » . فقام عمر بن الخطّاب فقال : يارسول الله هذا لنا خاصّةً ؟ قال : «هذا لكم ، ولمن أتى من بعدكم إلى يوم القيامة » ۳ .

1.كنز العمّال : ۵ / ۱۸۸ ح۱۲۵۶۱ .

2.السنن الكبرى : ۷ / ۲۵۷ ح۹۵۶۵ .

3.الترغيب والترهيب للمنذري : ۲ / ۲۰۳ ح۷ ، الدرّ المنثور : ۱ / ۵۱۶ .

الصفحه من 342