خُطَبُ رسول الله(ص)في حجّة الوداع - الصفحه 339

كرهت بمنى ۱ .
وآخِر ما نزل جبرئيل أمين وحي الله تعالى على رسول الله(صلى الله عليه وآله) فقال : يا محمّد! إنّ الله يُقرِئُكَ السلام ويقول لك : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)۲ .
ومن هذه الآية الكريمة والروايات التي وردت حولها يستفاد أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)أخّر إبلاغ هذا الأمر ، فما هو هذا الوحي الجديد الذي إن لم يبلّغه إلى الناس فكأنّما لم يبلّغ رسالة الله أبداً وما بشّر وما أنذر وما هدى ؟
فهل كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) يخشى العصيان من قِبل آخرين ، كما يوحيه قوله تعالى : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) . ثم ما هو المراد من (مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) ؟ الذي ترتب عليه هذا التهديد والتشدّد مع الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) ؟.
إنّ الخطبة الشريفة التي خطبها محمّد رسول الله(صلى الله عليه وآله) بغدير خُمّ على عامّة المسلمين ، هي تكشف النقاب عن كلّ ما كان بين الله تعالى ورسوله الأمين في هذا الإبلاغ المهمّ .
ولم تكن تلك الساعة وقتاً مناسباً لحطّ الرحال ، ولم يكن ذلك المكان منزلاً وموقفاً للاستراحة ، لكنّ الرسول أمر بإيقاف الموكب ، فلحق من كان في آخر القافلة ، ورجع من كان في مقدّمها ، فاجتمعوا ليسمعوا هذا الخبر الهامّ ، في ذلك الحرّ الشديد حتّى وضع كثيرٌ منهم رداءَه على رأسه من شدّة الحرّ ، ووضع البعض رداءَه تحت قدميه اتّقاءً لِلَهيب الرمضاء .
فصلّى رسول الله(صلى الله عليه وآله) بالمسلمين صلاة الظهر ، ثمّ صنعوا من أقتاب الإبل منبراً

1.تفسير العيّاشي: ۱ / ۳۳۲ ح۱۵۴ .

2.سورة المائدة : ۶۷ .

الصفحه من 342