كتاب مولد فاطمة عليهاالسلام - الصفحه 182

۲۶.وعن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنّ فاطمة أحصنت فرجها فحرّم اللّه ذريّتها على النار .

۲۷.قال حمّاد بن عثمان : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن معنى هذا الحديث فقال :المعتَقون من النار ولد بطنها : الحسن والحسين واُمّ كلثوم .

۲۸.وروي عن جعفر بن محمّد عليهماالسلام ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين ، عن فاطمة الصغرى ، عن الحسين بن علي ، عن أخيه الحسن بن علي بن أبي طالب :قال : رأيت اُمّي فاطمة عليهاالسلام قامت في محرابها ليلة جمعة ، فلم تزل راكعة وساجدة حتى انفجر عمود الصبح ، وسمعتُها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسمّيهم وتكثر الدعاء لهم ولا تدعو لنفسها بشيء ، فقلت لها : يا اُمّاه ، لِمَ لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟ فقالت : يا بُنيّ ، الجار ثمّ الدار . ۱

۲۹.وعن الحسن عليه السلام أيضا قال :كانت فاطمة عليهاالسلام إذا دعت تدعو للمؤمنين والمؤمنات ، ولا تدعو لنفسها ، فقيل لها ، فقالت : الجار ثمّ الدار . ۲

۳۰.وروي عن سليمان قال : لما قرأ محمّد بن أبي بكر :«وَ مَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَ لَا نَبِىٍّ»۳قال :ولا محدَّث . فقلت له : وهل تحدِّث الملائكةُ إلّا الأنبياء؟ فقال : إنّ مريم لم تكن نبيّة وكانت محدَّثة ، واُمّ موسى بن عمران كانت محدَّثة ولم تكن نبيّة ، وسارة امرأة إبراهيم قد عاينت الملائكة ؛ «فَبَشَّرْنَـهَا بِإِسْحَـقَ وَ مِن وَرَآءِ إِسْحَـقَ يَعْقُوبَ» ، ۴ ولم تكن نبيّة ، وفاطمة بنت رسول اللّه صلى الله عليه و آله كانت محدَّثة ولم تكن نبيّة . ۵

۳۱.وروي عن أبي سعيد الخدري قال : أصبح علي عليه السلام ذات يوم فقال : يا فاطمة ،عندك شيء تغذّينيه؟ قالت :لا ، والذي أكرم أبي بالنبوة ، وأكرمك بالوصية ، ما أصبح اليوم عندي شيءٌ اُغذّيكه ، وما كان عندي شيء منذ يومين إلّا شيء كنت اُوثرك به على نفسي وعلى ابنيّ هذين حسن وحسين!
فقال علي عليه السلام : يا فاطمة ، ألا كنت أعلمتني فأبغيكم شيئا؟
فقالت : يا أبا الحسن ، إنّي لأستحيي من إلهي أن تكلّف نفسك ما لا تقدر عليه . فخرج علي عليه السلام من عند فاطمة عليهاالسلام واثقا باللّه حسن الظن به عز و جل ، فاستقرض دينارا فأخذه ليشتري لعياله ما يصلحهم ، فعرض له المقداد بن الأسود في يوم شديد الحرّ قد لوّحتْه الشمس من فوقه وآذته من تحته ، فلمّا رآه علي عليه السلام أنكر شأنه فقال له :
يا مقداد ، ما أزعجك هذه الساعة من رحلك؟
فقال : يا أبا الحسن ، خلِّ سبيلي ، ولا تسألني عمار ورائي .
قال : يا أخي ، لا يسعني أن تجاوزني حتى أعلم علمك .
فقال : يا أبا الحسن ، رغبتُ إلى اللّه عز و جل و إليك أن تخلّي سبيلي ولا تكشفني عن حالي .
فقال : يا أخي ، إنّه لا يسعك أن تكتمني حالك .
فقال : يا أبا الحسن ، أمّا إذا أبيت ، فو الذي أكرم محمّدا بالنبوة وأكرمك بالوصية ما أزعجني من رحلي إلّا الجُهد ، وقد تركت عيالي جياعا ، فلمّا سمعتُ بكاءهم لم تحملني الأرض ، فخرجت مهموما راكبا رأسي . هذه حالي وقصّتي .
فانهملت عينا عليٍ عليه السلام بالبكاء حتّى بلّت دموعُه لحيته فقال : أحلُفُ بالذي حلفتَ به ما أزعجني إلّا الذي أزعجك ، وقد اقترضتُ دينارا فهاكه فقد آثرتُك على نفسي . فدفع الدينار إليه ، ورجع حتى دخل المسجد فصلّى الظهر والعصر والمغرب .
فلمّا قضى رسول اللّه المغرب مرَّ بعليٍ عليه السلام وهو في الصفّ الأوّل ، فغمزه برجله ، فقام عليٌ عليه السلام فلحقه في باب المسجد ، فسلّم عليه ، فردّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وقال : يا أبا الحسن ، هل عندك شيء تعشّيناه فنميل معك؟ فمكث مطرقا لا يحير جوابا ؛ حياءً من رسول اللّه صلى الله عليه و آله ـ وقد عرف ما كان من أمر الدينار مِن أين أخَذه وأين وجّهه بوحي مِن اللّه إلى نبيّه ، وأمره أن نتعشّى عند عليٍ تلك الليلة ـ فلمّا نظر إلى سكوته قال : يا أبا الحسن ، ما لك لا تقول «لا» فأنصرف ، أو «نعم» فأمضي معك؟ فقال حياءً وتكرّما : فاذهب بنا .
فأخذ رسول اللّه صلى الله عليه و آله بيد عليٍ عليه السلام فانطلقا حتى دخلا على فاطمة عليهاالسلام وهي في مصلّاها ، قد قضت صلاتها وخلفها جَفنة تفور دخانا [بخارا] ، فلمّا سمعتْ كلام رسول اللّه صلى الله عليه و آله خرجت من مصلّاها فسلّمت عليه وكانت أعزّ الناس عليه ، فردّ السلام ومسح بيديه على رأسها وقال لها : يا بنتاه ، كيف أمسيتِ رحمكِ اللّه ؟ قالت : بخير . قال : عَشّينا رحمكِ اللّه وقد فعل .
فأخذَت الجفنة فوضَعْتها بين يدي رسول اللّه وعلي عليهماالسلام ، فلمّا نظر علي عليه السلام إلى الطعام وشمّ ريحه رمى فاطمةَ ببصره رميا شحيحا ، فقالت له : سبحان اللّه ! ما أشحّ نظرَك وأشدَّ! هل أذنبت فيما بيني وبينك ذنبا أستوجب به منك السخط؟
فقال : وأيّ ذنب أعظم من ذنب أصبتيه؟! أليس عهدي بك اليوم الماضي وأنت تحلفين باللّه مجتهدة : ما طعِمتِ طعاما منذ يومين؟!
قال : فنظرتْ إلى السماء وقالت : إلهي يعلم ما في سمائه وأرضه ، إنّي لم أقل إلّا حقّا .
فقال لها : يا فاطمة ، أنّى لكِ هذا الطعام الذي لم أنظر إلى مثل لونه ولم أشمّ مثل رائحته قطّ ، ولم آكل أطيب منه؟!
قال : فوضع رسول اللّه صلى الله عليه و آله كفَّه الطيّبة المباركة بين كتفَي عليٍ عليه السلام فغمزها ثمّ قال : يا علي ، هذا بدل عن دينارك ، فهذا جزاء دينارك من عند اللّه ؛ «إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ» .
ثمّ استعبر النبيّ باكيا ثمّ قال : الحمد للّه الذي أبى لكما أن تخرجا من الدنيا حتى يُجريك ـ يا علي ـ مجرى زكريا ، ويجري فاطمة مجرى مريم بنت عمران . ۶

1.وأسنده في علل الشرائع ، ج ۱ ، ص ۲۱۵ و۲۱۶ .

2.وأسنده في علل الشرائع ، ج ۱ ، ص ۲۱۶ .

3.سورة الحج ، آلآية ۵۲ .

4.سورة هود ، الآية ۷۱ .

5.أسنده في علل الشرائع (ج ۱ ، ص ۲۱۶ و۲۱۷) وأكملناه منه .

6.كشف الغمة ، ج ۲ ، ص ۹۷ ، وهنا علّق الإربلي على هذا الخبر قال : «حديث الطعام أورده الزمخشري في كشافه عند تفسير قوله تعالى : «كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا» الآية ، وقد ذكرته في المجلد الأول» ، ولكنا لم نجده فيه في مظانّه .

الصفحه من 190
الكلمات الدالة