آداب الدعاء - الصفحه 207

لا تعجل ، واغتنمها فرصة ؛ أما سمعت الآيات والأخبار المتضمّنة قبول التوبة في أيّ وقتٍ شاء حتى تبلغ الروح التراقي ۱ ، أو يعاين الموت؟ والآن في أجلك تأخير فلا داعي إلى التعجيل ، وتكون فزتَ بلذّة الدنيا والآخرة .
وهكذا يحسّن له أقوال ويوقعها في قلبه حتّى يتمادى في غيّه ، ويميته إمّا على غير توبةٍ ، أو يكون مصداقا للآية الشريفة : «كَلَا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ»۲فقد ورد : ما من عبدٍ إلّا على قلبه نقطة بيضاء ، فإن فعل ذنبا صار في النقطة البيضاء نقطة سوداء ، فإن تاب انمحت السوداء ، و إن تمادى في المعاصي زاد السواد حتّى يغطّي البياض ، فإذا غطّي البياض لم يرجع صاحبه إلى خيرٍ أبدا .۳
قال بعض الأفاضل : إنّ القفل أشدّ من الطبع ، والطبع أشدّ من الرَّين ، وقد أشارت الآيات الشريفة إلى الاُمور الثلاثة في قوله جلّ شأنه : «طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ»۴«أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ»۵ وعليه يكون الرَّين كالصدأ أوّل مرتبة ،

1.إشارة إلى قوله تعالى في سورة القيامة الآية ۲۶ : «كَلّاَ إذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ» . التراقي : جمع الترقوة ، وهو مقدّم الحلق من أعلى الصدر ، تترقّى إليه النفس عند الموت ، و إليه يتراقى البخار من الجوف ، وهناك تقع الحشرجة ـ تردّد النفس ، والغرغرة عند الموت ـ .

2.سورة المطفّفين ، الآية ۱۴ .

3.روى الكليني في الكافي (ج ۲ ، ص ۲۷۳ ، ح ۲۰) بإسناده عن أبي علي الأشعري ، عن عيسى بن أيّوب ، عن علي بن مهزيار ، عن القاسم بن عروة ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : ما من عبدٍ إلّا وفي قلبه نكتة بيضاء ، فإذا أذنب ذنبا خرج في النكتة نكتة سوداء ، فإن تاب ذهب ذلك السواد ، و إن تمادى في الذنوب زاد ذلك السواد حتى يغطّي البياض ، فإذا تغطّى البياض لم يرجع صاحبه إلى خير أبدا ؛ وهو قول اللّه عز و جل : «كَلَا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ ما كَانُوا يَكْسِبُونَ» [ سورة المطفّفين ، الآية ۱۴ ] . وانظر الاختصاص ، ص ۲۴۳ ؛ التنبيهات العليّة ، ص ۷۲ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۵ ، ص ۳۰۳ ، ح ۱۶ ؛ بحار الأنوار ، ج ۷۳ ، ص ۳۳۲ ، ح ۱۷ ، وص ۳۶۱ ، ح ۸۸ ؛ مرآة العقول ، ج ۹ ، ص ۴۱۸ ؛ مستدرك الوسائل ، ج ۱۱ ، ص ۳۲۹ ، ح ۱۴ . وورد في نهج البلاغة : ۵۱۸ في غريب كلام أمير المؤمنين عليه السلام رقم ۵ : إنّ الإيمان يبدو لُمظةً في القلب ، كلّما ازداد الإيمان ازدادت اللمظة . واللمظة مثل النكتة أو نحوها من البياض ، ومنه قيل : فرس ألمظ ، إذا كان بجحفلته شيء من البياض . أقول : الجحفلة للخيل والبغال والحمير بمنزلة الشغة للإنسان . وانظر : شرح نهج البلاغة لابن ميثم البحراني : ۵ / ۳۷۳ ح ۵ ، بحار الأنوار : ۶۹ / ۱۹۶ ح ۱۲ ، و ج ۷۳ / ۳۳۲ ذ ح ۱۷ وفيه بيان نافع .

4.سورة النحل، الآية ۱۰۸، سورة محمّد صلى الله عليه و آله ، الآية ۱۶ .

5.سورة محمّد صلى الله عليه و آله ، الآية ۲۴ .

الصفحه من 232