آداب الدعاء - الصفحه 215

أوامر اللّه تعالى الإيجاد كيفما اتّفق ـ كما في أوامر المخلوقات ـ لقال : «إلّا ليعملون» ، و إنّما المطلوب منها الإتيان بها على وجه الانقياد والتعبّد ، ولذا اعتبر لقبول العمل القربة والإخلاص ۱ ، وأن يأتي به على الوجه الّذي اُمِر به ، حتّى أنّ أجزاء الصلاة الواجبة يأتي بها على سبيل الوجوب ، والمستحبّة على سبيل الاستحباب ، فلو عكس يكون أتى بالفعل على غير الوجه الّذي اُمِر بِه .
وعن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال : قد يَبلغ الرجل الستّين والسبعين ولا يقبل منه صلاة ؛ وذلك لعدم إتيانه بالصلاة على الوجه الّذي اُمِرَ به .۲
وفي بعض الأخبار : أنّ الصراط جسرٌ على جهنّم يَعبر عليه كافّة الخلائق ۳ . وعليه عقبات ، فلكلّ فرضٍ من الفروض عقبة إن كان أمرا أو نهيا ، وعلى كلّ عقبةٍ ملائكة ، فعنْدَما يصل العبد إلى العقبة يُسأل عن فرضها ، فإن كان مؤدّيه كما أمَر اللّه به يجوز إلى غيرها ، و إن لم يكن مؤدّيه ولم يدركه عفو اللّه يُرمى إلى جهنّم . ۴
و إنّي أرى حالي إذا صلّيتُ بين الناس تهدأ حواسّي ، وتسكن جوارحي ، واُطيل صلاتي ولو كان عندي شغلاً ، وأفعل مستحبّاتها ، وأتأنّى على واجباتها ، وأترك مكروهاتها ، وأفعلها بتأنّي واستقرار . ۵

1.روي عن الصادق عليه السلام أنّه قال : الإخلاص بجميع فواضل الأعمال ، وهو معنى افتتاحه القبول وتوقيعه الرضا . انظر : مصباح الشريعة ، ص ۳۶ ؛ التنبيهات العليّة ، ص ۱۱۴ ؛ المحجّة البيضاء ، ج ۱ ، ص ۳۸۴ .

2.روى الكليني في الكافي (ج ۳ ، ص ۲۶۹ ، ح ۹) بإسناده عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن العيص بن القاسم قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : واللّه ِ إنّه ليأتي على الرجل خمسون سنة وما قَبِل اللّه منه صلاة واحدة ، فأيّ شيء أشدّ من هذا؟! واللّه إنّكم لتعرفون من جيرانكم وأصحابكم من لو كان يصلّي لبعضكم ما قبلها منه لاستخفافه بها ؛ إنّ اللّه عز و جل لا يقبل إلّا الحسن ، فكيف يقبل ما يستخفّ به؟! وانظر : تهذيب الأحكام ، ج ۲ ، ص ۲۴۰ ، ح ۹۴۹ ؛ التنبيهات العليّة ، ص ۸۰ ـ ۸۱ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۴ ، ص ۲۴ ، ح ۲ .

3.قال الشيخ الصدوق في الاعتقادات (ص ۷۰ ، رقم ۲۶) : اعقتادنا في الصراط أنّه حقّ ، وأنّه جسر جهنّم ، وأنّ عليه ممرّ جميع الخلق . عنه بحار الأنوار ، ج ۸ ، ص ۷۰ ، ح ۱۹ .

4.روى الطبرسي في مجمع البيان (ج ۱۰ ، ص ۳۵۲) في تفسير الآية « إنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ » (سورة الفجر ، الآية ۱۴) عن ابن عبّاس أنّه قال : إنّ على جسر جهنّم سبع محابس ، يُسأل العبد عندها : أوّلها : عن شهادة أن لا إله إلّا اللّه ، فإن جاء بها تامّة جاز إلى الثاني فيُسال عن الصلاة ، فإن جاء بها تامّة جاز إلى الثالث فيُسأل عن الزكاة ، فإن جاء بها تامّة جاز إلى الرابع فيُسأل عن الصوم ، فإن جاء به تامّا جاز إلى الخامس فيُسأل عن الحجّ ، فإن جاء به تامّا جاز إلى السادس فيُسأل عن العمرة ، فإن جاء بها تامّة جاز إلى السابع فيُسأل عن المظالم ، فإن خرج منها ، و إلّا يقال : انظروا ، فإن كان له تطوّع أكمل به أعماله ، فإذا فرغ انطلق به إلى الجنّة . عنه بحار الأنوار ، ج ۸ ، ص ۶۴ .

5.قال الشهيد الثاني في التنبيهات العليّة (ص ۱۵۲) في منافيات الإخلاص : أحدها : أن يعقد الصلاة مثلاًف على الإخلاص المحض والطاعة والإقبال على اللّه تعالى بها ، وهو خالٍ من نظر الناس إليه ، فيدخل عليه داخل ، أو ينظر إليه ناظر ، فيقول له الشيطان : «ود صلاتك حُسنا حتى ينظر إليك هذا الحاظر بعين الوقار والصلاح ، ولا يزدريك ولا يغتابك» ، فتخشع جوارحه ، وتسكن أطرافه ، وتحسن صلاته ، وهذا هو الرياء الطارئ الظاهر الّذي لا يخفى على المبتدئين من المريدين ، ولكنّه في الجملة من شوائب القرب ، ومنافي الإخلاص .

الصفحه من 232