آداب الدعاء - الصفحه 218

الحادي عشر : أن يعرف اللّه تعالى أنّه المدعوّ والمرجوّ ؛ وقد أشار إلى هذا بقوله عليه السلام في الخبر المتقدّم : «لأنّكم تدعون مَن لا تعرفون» ۱ .
فالإقرار باللّه تعالى فقط غير كافٍ ؛ فإنّ السائل ليس دهريّا ، و إنّما الواجب أن يعتقد بأنّه تعالى واجب الوجود لذاته ۲ ، غنيّا عن الموجودات ، عادل مستحيل عليه الظلم والجور .
وأن يعرف ما يجب اتّصافه تعالى به ، وما يمتنع عليه ، مثل صفاته الثبوتيّة والسلبيّة ، وأنّ أوصافه عين ذاته ، ويعرف معنى الأوصاف لا حفظ ألفاظ ، كأن يعرف معنى اتّصافه تعالى بالحياة والسمع والبصر والتكلّم وأمثال ذلك ، ويكون معرفة ذلك بالاجتهاد لا بالتقليد ، فَمَن جهل بعض أوصافه الواجب اتّصافه بها أو الممتنع اتّصافه بها يكون كالمنكر له تعالى ؛ لأنّه من ادّعى معرفة شخصٍ ولم يعرف أوصافه يكون كمن جهله . ۳
كذلك : مَن أقرَّ بالنبيِ صلى الله عليه و آله أو الأئمّة : ولم يعرف أوصافهم يكون كمن أنكرهم ؛ فإنّه يجب الاعتقاد بأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله والأئمّة وكافّة الأنبياء والأوصياء أنّهم معصومون منزّهون عن المعاصي من أوّل عمرهم إلى انتهائه ، لا يجوز نسبة المعصية إليهم ، كبيرةً كانت أم صغيرة ، وكلّ ما ورد من آيةٍ أو روايةٍ ظاهرها نسبة المعصية إليهم يجب تأوليها

1.تقدّم في أوائل هذه الرسالة الشريفة .

2.قوله «واجب الوجود» أخرج «ممتنع الوجود» كشريك الباري ، و«ممكن الوجود» كالمخلوقات . وقوله «لذاته» أخرج «واجب الوجود لغيره» كالإحراق للنار والضوء للشمس . «حاشية الأصل» .

3.قال الشيخ المظفّر في عقائد الإمامية (۱۴) : ونعتقد بأنّه يجب توحيد اللّه تعالى من جميع الجهات ، فكما يجب توحيده في الذات باعتقاد بأنّه واحد في ذاته ووجوب وجوده ، كذلك يجب ـ ثانيا ـ توحيده في الصفات ، وذلك بالاعتقاد بأنّ صفاته عن ذاته . . . وبالاعتقاد بأنّه لا شبه له في صفاته الذاتية ، فهو في العلم والقدرة لا نظير له ، وفي الخلق والرزق لا شريك له ، وفي كلّ كمال لا ندّ له .

الصفحه من 232