شرح حديث زينب عطاره - الصفحه 371

الكلّ والمتصرفة بالتدبير الاستوائي ـ كما مرّت الإشارة إليه ـ في الجلّ والقلّ بشفاعة وساطة هذه الشّمس المعروفة ووساطة شفاعة استمداداتها من ذلك الركن البياضي ومن سائر الأركان التي تحت تصرّف تلك النفس العلوية ذات اللّه العليا التي قال قبلة العارفين عليّ المرتضى أمير المؤمنين عليه السلام في الجواب عن سؤال الأعرابي حين سأله عليه السلام بقوله : «يا مولاي وما النفس الكليّة الإلهيّة ؟»: قوة لاهوتيّة جوهرة بسيطة حيّة بالذات ، أصلها العقل ، منه بدأت ، وعنه وعَت ، وإليه دلّت وأشارت ، وعودتها إليه إذا كملت۱وشابهته۲، ومنها بدأت الموجودات ، وإليها تعود بالكمال ، فهو ذات اللّه العليا وشجرة طوبى وسدرة المنتهى وجنّة المأوى ، من عرفها لم يشق ، ومن جهلها ضلّ سعيه وغوى. فقال : يا مولاي ، وما العقل؟ / الف 36 / قال عليه السلام : العقل جوهر درّاك محيط بالإشياء من جميع جهاتها ، عارف بالشيء قبل كونه ، فهو علّة الموجودات ونهاية المطالب۳ انتهى مقاله .
أقول : كلّ ما تضمّنه مقاله عليه السلام هذا قد مرّ التصريح والإشارة منّا إليه ، وهذا المقال منه عليه السلام وأمثاله هو حجّتنا وحجّة إخواننا ، إخوان الصّفا فيما مرّ منّا في باب ذلك العقل المحمّدي وتلك النّفس العلويّة . ومن هذا المقال اتّضح سرّ كون منزلة العلويّة العليا من المحمديّة البيضاء منزلة اللوح الكريم ، واُمّ الكتاب من القلم الأعلى . وهذا المقال منه عليه السلام في شرح حال الكليّة الإلهيّة إنّما هو شرح حال نفسه عليه السلام ، وفي شرح حال العقل إنّما هو شرح حال أخيه صلى الله عليه و آله وسلم الّذي هو أيضا شرح حال نفسه عليه السلام بدليل «أنفسنا» ، فلاتغفل!
وأمّا قوله عليه السلام : محيط بالأشياء من جميع جهاتها ، فهو إشارة منه عليه السلام إلى الضّابطة الكليّة الموروثة من أساطين علماء الوراثة من وجوب كون العلّة محيطة بمعلولها وبجميع جهات معلولها ، ومن ثمة قالت إخواننا : « يكون كل مرتبة من الوجود دورية أي : ما منه وما فيه وما إليه فيه واحد ، وذلك كما قال عزّ من قائل : «ألا إنّه بكل شيء محيط»۴ ، « پيل را ياد آمد از هندوستان» ، فلنرجع

1.م و د : كلمت .

2.ح : شابهت .

3.قارن : قرة العيون ، ص ۳۶۷ وفيه : وعنه دعت .

4.سورة فصلت ، الآية ۵۴ .

الصفحه من 442