شرح حديث زينب عطاره - الصفحه 403

فالمشية بمراتبها الأربع المذكورة المسماة بعالم الأمر والحق وبالوجود المنبسط والوجود المطلق في عرفهم المعروف هي الجزء الأوّل من الأجزاء الأربعة . والتفرقة بين كون المرتبة الرّابعة من المشية كلمة تامة جامعة لجوامع كلمات اللّه التامّات كلّها ، وبين كون ذلك الاسم الجامع لجوامع الأسماء وإمام أئمتها إمامة جامعة كذلك أحسن وأصوب ؛ وجهها هي : كون تمامية الرابعة تمامية الكلّ الّذي لا بعض له ـ بأن يكون كلّ الكلمات كلياتها وجزئياتها حقائقها ورقائقها بوجه أعلى ـ وكون تمامية ذلك الاسم الجامع للجوامع كلّها تماميّة الكلّ الّذي له بعض بل وأبعاض لا يحصى . وبين كليّة الكل الّذي لا بعض له بوجه أصلاً ، وبين كلية الكلّ الّذي له بعض أو أبعاض لا يحصى بونٌ مّا كالبون بين الأرض والسّماء لا يعرفه إلّا الراسخ في العلم بإذن اللّه تعالى .
وأما قول المولوي العارف المعاصر الأحسائي سلمه [اللّه ] ـ في وجه التفرقة ـ وإنّما قلنا : «إنّ هذه الكلمة تامة» ، وقلنا : « إنّ ذلك كلمة تامّة» ، لأنّ تمام هذه تمام جزء ، وذلك تمام كلّ ، وباعتبار آخر تمام جزئي ، وذلك تمام كلّي ـ فأوّل وجهيه : له وجه ظهري ، وأما وجهه الثاني : فهو كما ترى عاميّ لا وجه له أصلاً ؛ فإنّ كونَ معنى الجزئي ـ أي المنسوب إلى الجزء ـ هو الكل وكونَ معنى الكلي ـ أي المنسوب إلى الكلّ ـ هو الجزء كما هو المقرر في محلّه يناقض وينافي وجهه الأوّل كما لا يخفى ؛ لأنّ بناء وجهه الأوّل إنّما هو على كون هذه جزءاً وكون تلك كلّاً / ب 54 / وبناء الثاني إنّما هو على عكس ذلك ؛ هذا ظاهر جدا .
ومع هذا التناقض والمنافاة : الحكم بكون هذه جزئيا وكون تلك كليا لا يستقيم بوجه أصلاً : لا بحسب اعتبار معنى الجزئية والكليّة في اصطلاح الجمهور المعروف بين العامة ؛ فإنّ كلّاً من تينك الكلمتين التامّتين أمر عيني شخصي يمتنع عن الصدق على الكثيرين ويأبى عن احتمال الحمل على الكثيرين ، ولا بحسب اعتبار معناهما في باب وجود المعروف الشائع في عرف العارفين ؛ فإنّ المراد من جزئية الوجود الحقيقي من الوجود الجزئي هو كون نحو الوجود محدودا ناقصا غير محيط ، ومن كليّته ۱ في الوجود ـ الّذي هو عين حقيقة الشخصية والتشخص ـ الإحاطة والانبساط

1.م : كليّة .

الصفحه من 442