شرح حديث زينب عطاره - الصفحه 437

وجوده لتأخّر مخرجه عند انقطاع النفس ما يفعل كلّ حرف متقدّم في مخرج تقدّمه ، فهو يجرى على قوة كل حرف في مخرج تقدمه ؛ لأنّ النفس في خروجه على تلك المخارج إلى أن انقطع عند هذا المخرج ينقل معه قوّة مرتبة كل حرف ، فظهرت في قوّة الحرف المتأخّر . وآخر الحروف الواو ، ففي الواو قوّة جميع الحروف ، كما أنّ الهاء أقدم في العمل من جميع الحروف ؛ فإنّ لها البدو ، وكلمة « هو » جَمعت جميع قوى الحروف في عالم الكلمات ، فلهذا كانت الهوية أعظم الأشياء .
وكذلك الإنسان آخر غاية النفس الرّحماني في الكلمات الإلهية ۱ وهي المفارقات وطبائع الأجناس والأنواع ، ففي الإنسان الكامل البالغ الواصل قوّة كلّ موجود في العالم ، وله جميع المراتب ، ولهذا اختصّ وحده بالخلافة الإلهية وبكونه مخلوقا على الصورة ۲ ، فجمع بين الحقائق الإلهية وهي / ب 74 / الأسماء ، وبين المراتب الكونية وهي الأجزاء ، فيظهر به ما لا يظهر بجزء جزء من العالم ، وبكل اسم اسم من الحقائق الإلهية ، فكان الإنسان : أكمل الموجودات وتمامها وكمالها ، ومجمع جوامع وجودات الأشياء ، وجامع جوامع الكلمات الإلهية ، ومجمع مجامع أسماء اللّه الحسنى ـ كما قال صلى الله عليه و آله : اُوتيت جوامع الكلم۳ ـ وبه انتهى نفس الرحماني ، فهو إمام الأئمّة في الأسماء كما يكون قدوة القادة وسيّد السادة في الأشياء ، والواو أكمل الحروف ، وبه انتهى النفس الإنساني ، وكلّ ما سوى الإنسان خلق للإنسان وبه ؛ فإنّه خلقٌ وحقٌّ مخلوق به : مخمّر بيدي الرّحمن ، مضمر بالأمر والخلق ، مجمع القدم والحدوث ؛ ولقد قال العارف المعروف بالعرفي في مديحة ۴ النبيّ الختمي صلى الله عليه و آله وسلم :
تقدير به يك ناقه نشانيده دو محمل
سلماى حدوث تو وليلاى قدم را

بقدمته برزخ بين الوجوب والإمكان ، وفيه قيل بالفارسيّة ، ونعم ما قيل :

تعريف على به گفتگو ممكن نيست
گنجايش بحر در سبو ممكن نيست

من ذات على به واجبى نشناسم۵
اما دانم كه مثل او ممكن نيست

وفي هذا سرّ يشرب من المشرب الأصفى مشرب قوله تعالى « ليس كمثله شيء»۶
فإنّهم عليهم السلام لهم المثل الأعلى لحضرة ذات اللّه الأقدس تعالى .
وبالجملة فالإنسان الكامل هو على الحقيقة الحقّ المخلوق به ، أي المخلوق بسببه العالم . وفيه قال الحكيم نظامي في نعت ۷ / الف 75 / النبيّ الختمي صلى الله عليه و آله وسلم :

سر خيل تويى و جمله خيل اند
مقصود تويى همه طفيل اند

وذلك لأنّه الغاية المطلوبة من الإيجاد المتقدم ۸ عليها ، فلولاه ما ظهر ما تقدّم عليه ، ولقد تقرّر في محلّه أنّ الغاية الحقّة هو المبدأ والعلة ، وفيه سرّ ستر ، فالإنسان الختمي قد جمع اللّه سبحانه فيه الطرفين المتقابلين المتضايفين من جهة واحدة ؛ لكونه خليفته سبحانه في خليقته جلّ شأنه ، والخليفة مجلاة مستخلفه ، والمستخلف تعالى هو الأوّل والآخر والظاهر والباطن ، فكذلك الخليفة ۹ الّذي هو الإنسان الكامل .
وبالجملة فكلّ غاية هو الأمر المخلوق بسببه ما تقدّم من أسباب ظهوره التي هي مسبّبة من نوره ، فافهم .

1.يعني من الهوية : الهوية بما هي ، أي مع قطع النظر عمّا هو خارج عن حقيقة الهوية ؛ يا هو ، يا من لا هو إلّا هو . «منه أعلى اللّه مقامه» .

2.إنّ المراد من الحقائق الإلهية والأسماء الإلهية هنا هي حقائق الأشياء التي هي أرباب أنواعها ؛ فإنّ كلّ حقيقة من الحقائق اسم من الأسماء الإلهية التي منصبها منصب العناية بإصلاح أحوال الأشياء وترتيبها .. . (؟) وإن هي إلّا أرواح كليّة إلهية جبروتية موجودة في صقع من عالم الأمر المسمّى بعالم الحقّ المتقدّم على عالم الخلق وهو عالم الإيجاد والربوبية ، ولتلك الحقائق اعتبار آخر يكون حسبه من العالم ومن الخلق ، فباعتبار غلبة حكم الحقيقة وغلبة تحقّقها بصفات الربانية يحكم عليها بصفات العنصر الغالب ، فافهم ! «منه» .

3.المسند ، ج۲ ، ص ۲۵۰ .

4.ح : + حضرة .

5.يعنى : خدايش نمى دانم . «منه» .

6.سورة الشورى ، الآية ۱۱ .

7.م : بعث .

8.م : المتقدمة .

9.ح : خليفته .

الصفحه من 442