منتخبات نسمات الأسحار - الصفحه 126

وقيل: إنّ طلحة والزبير رضى الله عنه بايعا كارهين ۱ غير طائعين، ثمّ خرجا إلى مكة وعائشة رضى الله عنه يومئذ بمكة، فأخذاها وخرجا إلى البصرة يطلبون دم عثمان ۲ فبلغ ذلك عليّاً رضى الله عنه، فخرج إلى العراق فلقي بالبصرة طلحة والزبير ومن معهما، وهي وقعة الجمل، وكانت في جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين، وقتل بها طلحة والزبير ۳ وبلغت القتلى ثلاثة عشر ألفاً، وأقام على البصرة خمس عشرة ليلة، ثمّ انصرف إلى الكوفة. ثمّ خرج عليه معاوية، وتفرعت الفتن، وهاجت الأحقاد ۴ حتّى صار ما صار.

[أوّل من أسلم]

[أسلم] وهو ابن عشر سنين، وقيل تسع، وقيل ثمان، وقيل دون ذلك قديماً، بل قال ابن عبّاس وأنس بن مالك وزيد بن أرقم وسلمان الفارسي وجماعة رضى الله عنهأجمعين: إنّه أوّل من أسلم. ونقل بعضهم الإجماع عليه. ۵
ومن الجمع بين هذا الإجماع والإجماع على أنّ أبا بكر أوّل من أسلم، أي إنّ أوّل من أسلم من الرجال أبوبكر، وأوّل من أسلم من الصبيان ۶ عليّ بن أبي طالب.

1.انظر التعليقة السابقة.

2.بل طلبوا الحكم والإمرة والاستبداد بأموال المسلمين، لكن أمير المؤمنين عليه السلام حال دون طلبتهم ولم يداهن في دين اللّه ، فخرجوا عليه بهذه الذريعة، وقد قال أمير المؤمنين عليه السلام كما في النهج (خ ۲۲ و۱۳۷): «وإنهم ليطلبون حقاً هم تركوه ودماً هم سفكوه»، وقال في الخطبة ۱۷۰ من نهج البلاغة: «وإنمّا طلبوا هذه الدنيا حسداً لمن أفاءها اللّه عليه، فأرادوا ردّ الاُمور على أدبارها»، وفي الخطبة ۱۶۹ لمّا قيل له في أوّل خلافته: لو عاقبت ممن أجلب على عثمان! فقال عليه السلام : يا إخوتاه، إنّي لست أجهل ما تعلمون، ولكن كيف لي بقوّة والقوم المجلبون على حدّ شوكتهم، يملكوننا ولانملكهم؟....

3.كان قتل طلحة على يد مروان بن الحكم بعد ما همّ طلحة بالرجوع عن المعركة وندم على ما كان منه، ومروان آنذاك كان من جنود طلحة والزبير، وفعل ذلك مروان انتقاماً لدم عثمان حسب زعمه، وربما فعل ذلك لاستعاد نيران الفتنة والاحتفاظ على منويات جيش الناكثين البغاة. وأمّا الزبير فقد خرج من المعركة نادماً وتوجه نحو المدينة، فتعقّبه بعض اللصوص وقطاع الطريق فاغتالوه.

4.أحقاد بدر وحنين والأحزاب وفتح مكة، وأيضاً طلب الدنيا والجاه؛ وقد قال صلى الله عليه و آله : حبُّ الدنيا رأس كلِّ خطيئة . والنقل هنا من الصواعق المحرقة، ص ۱۱۸.

5.لاحظ ما سيأتي قريباً وما بهامشه من تعليق.

6.هذا التفريق بين الرجال والصبيان ـ على حد زعمهم ـ للهروب من الحقيقة، بل وحتّى مع التسليم بهذا الفرق الجائر الّذي لم يرضه اللّه ولا رسوله، لم يثبت أنّ أبابكر هو أوّل من بايع من الرجال؛ إذ الروايات في هذا الشأن مضطربة. وسيأتي عن ابن إسحاق: أوّل ذكرٍ أسلم عليٌّ ثمّ زيد بن حارثة ثمّ أبوبكر. وجلّ هذا الكلام منقول من الصواعق المحرقة ص ۱۲۰. قال ابن عبد البر في الاستيعاب (ج ۳ ، ص ۱۰۹۰): وروي عن سلمان وأبي ذر والمقداد وخبّاب وأبي سعيد الخدري وزيد بن الأرقم أنّ عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه أوّل من أسلم، وفضّله هؤلاء على غيره، وقال ابن إسحاق: أوّل من آمن... من الرجال عليٌّ... وهو قول ابن شهاب... وابن عبّاس. ونقل نحوه في ص ۱۰۹۲ عن ابن شهاب وعبد اللّه بن محمّدبن عقيل وقتادة وأبي إسحاق ومحمّد بن كعب والحسن البصري.

الصفحه من 302