منتخبات نسمات الأسحار - الصفحه 168

والإجماع ليس في محلّه؛ لأنّ ذلك ممكن شرعاً وعقلاً على جهة الكرامة والخصوصية، فلا يردُّه قرآن ولا إجماع، وكون الإيمان به لا ينفع بعد الموت محلّه في غير الخصوصية والكرامة. وقد صحّ أنّه صلى الله عليه و آله ردّت عليه الشمس بعد مغيبها فعاد الوقت حتّى صلى العصر أداءً، كرامة له صلى الله عليه و آله فكذا هذا. وطعن بعضهم في صحة هذا بما لا يجدي أيضاً ۱ . وخبر أنّه تعالى لم يأذن لنبيه صلى الله عليه و آله في الاستغفار لاُمّه إمّا كان قبل إحيائها له وإيمانها به، أو أنّ المصلحة اقتضت تأخير الاستغفار لها عن ذلك الوقت فلم يؤذن له فيه حينئذٍ ۲ . فإن قلت: إذا قرّرتم أنهما من أهل الفترة وأنّهم لايعذَّبون، فما فائدة الإحياء؟ قلت: فائدته إتحافهما بكمالٍ لم يحصل لأهل الفترة؛ لأنّ غاية أمرهم أنّهم اُلحقوا بالمسلمين في مجرّد السلامة من العقاب، وأمّا مراتب الثواب العليّة فهم بمعزلٍ عنها، فاُلحقا ـ يعني أبويه صلى الله عليه و آله ـ بمرتبة الإيمان زيادةً في شرف كمالهما بحصول تلك المراتب لهما، وفي هذا مزيد ذكرته في الفتاوي . و لا يرد على الناظم آزر فإنّه كافر، مع أنّ اللّه تعالى ذكر في كتابه العزيز أنّه أبو إبراهيم صلى اللّه عليه وعلى نبينا وسلّم؛ وذلك لأنّ أهل الكتابين أجمعوا على أنّه لم يكن أباه حقيقة، وإنّما كان عمّه، والعرب تسمّي العمَّ أباً، بل في القرآن ذلك؛ قال تعالى: «وَ إِلَـهَ ءَابَآئِكَ إِبْرَ هِيمَ وَ إِسْمَـعِيلَ»۳ مع أنّه عم يعقوب، بل لولم يجمعوا على ذلك وجب تأويله بهذا جمعاً بين الروايات والأحاديث. وأمّا من أخذ بظاهره كالبيضاوي ۴ وغيره فقد تساهل واستروح. وحديث مسلم ـ ۵ : قال رجل: يا رسول اللّه ، أين أبي؟ قال: في النار ، فلمّا قفا دعاه فقال: إنّ أبي وأباك في النار ـ يتعين تأويله، وأظهر تأويل عندي له أنّه أراد بأبيه عمّه أبا طالب ۶ لِما

1.انظر كشف الرمس عن حديث ردّ الشمس لشيخنا الوالد، وفي ضمنه ثلاث رسائل للسيوطي والصالحي، وبهامشه تخريجات الحديث.

2.بل إنّه باطل وموضوع.

3.سورة البقرة، الآية ۱۳۳.

4.تفسير البيضاوي ، ج ۲، ص ۴۲۲ ـ ۴۲۳ ذيل الآية ۷۴ من سورة الأنعام .

5.صحيح مسلم، ج ۱، ص ۱۹۱، رقم ۳۴۷ باب ۸۸ من كتاب الإيمان.

6.كان ينبغي له أن يذكر أبا لهب المتفق عليه عند الجميع، لاأباطالب الّذي أجمع أهل بيت النبيّ صلى الله عليه و آله وشيعتهم وجماعة من علماء السنة على إيمانه، وسيأتي اعتراض المصنف على هذا الكلام وما في الحديث من مناقشة، وتقدم أيضاً بعض الكلام فيه.

الصفحه من 302