منتخبات نسمات الأسحار - الصفحه 252

وظلمت نفسي فتب عليّ ؛ إنّك أنت التواب الرحيم. وروى المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس رضى الله عنهقال: الكلمات هي أنّ آدم عليه السلام قال: يا ربّ، ألم تخلقني بيدك؟ قال: بلى . قال: ألم تنفخ فيّ من روحك؟ قال: بلى . قال: ألم تسبق رحمتك من غضبك؟ قال: بلى. قال: ألم تسكنّي جنّتك؟ قال: بلى. قال: فلِمَ أخرجتني منها؟ قال: بشؤم معصيتك. قال: يا ربِّ، أرأيت إن تبتُ وأصلحت أ راجعي أنت إلى الجنّة؟ قال: نعم. 1 فتاب آدم من ذنبه وأصلح وأقرّ واعترف وتوسّل إلى اللّه تعالى بمحمد وذرّيّته وآله ، «فتاب عليه» أي قَبِلَ توبته ورجع عليه بالمغفرة كما رجع هو إلى اللّه تعالى بالإقرار والندم.
فمعنى التوبة في اللغة: الرجوع، وفي الشريعة المطهرة رجوع العبد من المعصية إلى الطاعة، فالعبد يتوب إلى اللّه ، واللّه يتوب عليه، أي يرجع عليه بالمغفرة. 2
[وروي أنّه] لمّا خلق اللّه تعالى آدم، وقَرّبه إلى رحمته، وأسكنه جنته، وأمر الملائكة بالسجود له، وكان سجودهم له على جهة التكريم، فكان ذلك تكريماً وتحية لآدم عليه السلام ، وطاعةً للّه ـ سبحانه وتعالى ـ بامتثال أمره، ولم يكن عبادة لآدم. 3
وحكى ابن الأنباري عن الفرّاء وجماعة من الأئمة أنّ سجود الملائكة لآدم كان تحيةً ولم يكن عبادة، بل سجود تعظيم وتسليم وتحية، وكان ذلك تحية الناس وتعظيم بعضهم بعضاً، ولم يكن وضع الجبهة على الأرض، فلمّا جاء الإسلام أبطل ذلك بالسلام، وخصّ وضع الجبهة على الأرض بالسجود ؛ إذ أصل السجود في اللغة الخضوع والتذلل، فكلّ مَن ذلّ و خضع / 49 / لِما اُمر به فقد سجد. 4
وقال أبو عبيدة: 5 «عين ساجدة» إذا كانت فاترة، و «نخلة ساجدة» إذا مالت لكثرة حملها.
فلمّا سجدَت الملائكة تحيةً لآدم عليه السلام وامتثالاً لأمر اللّه تعالى حسد إبليس آدم

1.التفسير الوسيط ، ج ۱، ص ۱۲۶ مع مغايرات طفيفة.

2.التفسير الوسيط ، ج ۱، ص ۱۱۹ ـ ۱۲۰ وهكذا ما بعده مع مغايرات.

3.وهذا خلاف ظاهر الآية ۲۹ من سورة الحجر «فقعوا له ساجدين» .

4.التفسير الوسيط، ج ۱، ص ۱۱۹.

الصفحه من 302